في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

121

ويختم هذا التذكير ببدر ، وهذا التقرير للحقائق الأصيلة في التصور ، بالحقيقة الشاملة التي ترجع إليها حقيقة أن أمر النصر والهزيمة مرده إلى حكمة الله وقدره . . يختم هذا التقرير بتقرير أصله الكبير : وهو أن الأمر لله في الكون كله ، ومن ثم يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وفق ما يشاء :

( ولله ما في السماوات وما في الأرض . يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ، والله غفور رحيم )

فهي المشيئة المطلقة ، المستندة إلى الملكية المطلقة . وهو التصرف المطلق في شأن العباد ، بحكم هذه الملكية لما في السماوات وما في الأرض . وليس هنالك ظلم ولا محاباة للعباد ، في المغفرة أو في العذاب . إنما يقضي الأمر في هذا الشأن بالحكمة والعدل ، وبالرحمة والمغفرة . فشأنه - سبحانه - الرحمة والمغفرة :

( والله غفور رحيم ) . .

والباب مفتوح أمام العباد لينالوا مغفرته ورحمته ، بالعودة إليه ، ورد الأمر كله له ، وأداء الواجب المفروض ، وترك ما وراء ذلك لحكمته وقدره ومشيئته المطلقة من وراء الوسائل والأسباب .

/خ179