تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

الآية 129 وقوله تعالى : { ولله ما في السموات وما في الأرض } الآية فيه دلالة على ما ذكرنا في قوله : { ليس لك من الأمر شيء } إنما الأمر إلى الله الذي له { ما في السموات وما في الأرض } هو الذي { يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } .

وفي قوله : { ليس لك من الأمر شيء } جواز{[4318]} العمل بالاجتهاد ، لأنه [ صلى الله عليه وسلم ]{[4319]} عمل بالاجتهاد لا بالأمر حتى منع عنه . قال الشيخ ، رحمه الله : قوله : { ليس لك من الأمر شئ } يحتمل أن يكون على إثر أمر مما جبل عليه البشر : ما رأى في ذلك صلاح{[4320]} الخلق ، ومما عليه التدبير بحيث الإطلاق ، فقيل هذا ، وأن يكون على ما رأيت { ليس لك من الأمر شيء } وإنما الذي إليك الصفح عن ذلك والإعراض ، والله أعلم بما{[4321]} كان . ويحتمل أن يكون يبتدئ القول به [ من ]{[4322]} غير أن سبق منه ما يعاقب عليه ، أو يمنع منه ليكون أبدا مقبلا نحو الإذن له في كل شيء والأمر ، ولا تطمع نفسه في شيء لم تسبق له البشارة به ، على [ أن النهي والوعيد أمران جائزان ، وإن كان قد عصم عن ركوب النهي ووجوب الوعيد ]{[4323]} إذ هنالك تظهر رتبة العصمة ، ولا قوة إلا بالله .

والظاهر أن يكون على إثر أمر استعجال ذلك من دعاء الهلاك والهداية لقبول الحق والخضوع ، فيقول : ليس لك شيء من ذلك في أحد على الإشارة ، إنما ذلك إلى الله يصنع فيهم ما عنده من الثواب والتعذيب على قدرة ما يعلم من إقبالهم على الطاعة أو نفادهم{[4324]} عنها ، والله أعلم .


[4318]:في الأصل وم: لجواز.
[4319]:في م، عليه الصلاة والسلام..
[4320]:من م، في الأصلح: اصطلاح.
[4321]:في الأصل وم: وما.
[4322]:ساقطة من الأصل وم.
[4323]:من م، في الأصل: النهي والوعيد.
[4324]:نفد كسمع نفادا ونفدا: فني وذهب.