معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

قوله تعالى : { اتبعوا } ، أي : قل لهم اتبعوا .

قوله تعالى : { ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء } ، أي : لا تتخذوا غيره أولياء تطيعونهم في معصية الله تعالى .

قوله تعالى : { قليلاً ما تذكرون } ، تتعظون ، وقرأ ابن عامر : { يتذكرون } ، بالياء والتاء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

ثم أمر القرآن الناس باتباع تعاليم الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم فقال : { اتبعوا مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ

أى : اتبعوا أيها الناس ملة الإسلام وأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، وامتثلوا أوامره ، واجتنبوا نواهيه ، لأن الذي أنزل عليكم هذه الشريعة هو ربكم الذي هو خالقكم ومربيكم ومدبر أموركم والعليم بما فيه مصلحتكم وحذار من أن تتركوا شريعة الإسلام التي تدعوكم إلى إفراد الله بالعبودية ، وتتخذوا معه شركاء يزينون لكم الأباطيل ، ويصرفونكم عن دينه القويم فالآية الكريمة كلام مستأنف خوطب به كافة المكلفين لحضهم على إفراد الله بالعبودية ، ونهيهم عن اتباع أحد من الخلق فيما يتعلق بالأمور الدينية التي وضحتها الشريعة الإسلامية .

وقوله - تعالى - : { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } معناه : تذكراً قليلا تتذكرون ، أو زمناً قليلا تتذكرون فهو منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أو لظرف زمان محذوف . وما مزيدة لتأكيد القلة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

ثم قال تعالى مخاطبًا للعالم : { اتَّبِعُوا مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ } أي : اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كلّ شيء ومليكه ، { وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } أي : لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره ، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره .

{ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ } كقوله : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] . وقوله : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الأنعام : 116 ] وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [ يوسف : 106 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { اتّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مّن رّبّكُمْ وَلاَ تَتّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مّا تَذَكّرُونَ } .

يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين يعبدون الأوثان والأصنام : اتبعوا أيها الناس ما جاءكم من عند ربكم بالبينات والهدى ، واعملوا بما أمركم به ربكم ، ولاَ تَتّبِعُوا شيئا مِنْ دُونهِ يعني : شيئا غير ما أَنزل إليكم ربكم ، يقول : لا تتبعوا أمر أوليائكم الذين يأمرونكم بالشرك بالله وعبادة الأوثان ، فإنهم يضلونكم ولا يهدونكم .

فإن قال قائل : وكيف قلت : معنى الكلام قل اتبعوا ، وليس في الكلام موجودا ذكر القول ؟ قيل : إنه وإن لم يكن مذكورا صريحا ، فإن في الكلام دلالة عليه ، وذلك قوله : فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ ، ففي قوله : «لِتُنْذِرَ بِهِ » الأمر بالإنذار ، وفي الأمر بالإنذار الأمر بالقول لأن الإنذار قول . فكان معنى الكلام : أنذر القوم وقل لهم : اتبعوا ما أُنزل إليكم ، كان غير مدفوع . وقد كان بعض أهل العربية يقول قوله : اتّبِعُوا خطاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ومعناه : كتاب أُنزل إليك ، فلا يكن في صدرك حرج منه ، اتبع ما أنزل إليك من ربك . ويرى أن ذلك نظير قول الله : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ إذ ابتدأ خطاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم جعل الفعل للجميع ، إذ كان أمْرُ الله نبيه بأمر أمرا منه لجميع أمته ، كما يقال للرجل يفرد بالخطاب والمراد به هو وجماعة أتباعه أو عشيرته وقبيلته : أما تتقون الله ؟ أما تستحيون من الله ؟ ونحو ذلك من الكلام . وذلك وإن كان وجها غير مدفوع ، فالقول الذي اخترناه أولى بمعنى الكلام لدلالة الظاهر الذي وصفنا عليه .

وقوله : قَليلاً ما تَذَكّرُونَ يقول : قليلاً ما تتعظون وتعتبرون ، فتراجعون الحق .