لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

قوله تعالى : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } أي : قل يا محمد لقومك اتبعوا أيها الناس ما أنزل إليكم من ربكم يعني من القرآن الذي فيه الهدى والنور والبيان . قال الحسن : يا ابن آدم أمرت بإتباع كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم والله ما نزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيما أنزلت وما معناها ، وبنحو هذا قال الزجاج : أي اتبعوا القرآن وما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مما أنزل لقوله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ومعنى الآية أن الله تعالى لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنذار في قوله لتنذر به كان معنى الكلام أنذر القوم { وقل لهم اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك ، وقيل : معناه لتنذر به وتذكر به المؤمنين فتقول لهم { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } ، وقيل : هو خطاب للكفار أي اتبعوا أيها المشركون ما أنزل إليكم من ربكم واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك ويدل عليه قوله تعالى : { ولا تتبعوا من دونه أولياء } يعني ولا تتخذوا الذين يدعونكم إلى الكفر والشرك فتتبعوهم . والمعنى : ولا تتولوا من دونه شياطين الإنس والجن فيأمروكم بعبادة الأصنام وإتباع البدع والأهواء الفاسدة { قليلاً ما تذكرون } يعني ما تتعظون إلا قليلاً .