ثم كما أمر الرسول بالتبليغ والإنذار مع قلب قوي وعزم صحيح أمر المرسل إليهم وهم الأمة بالمتابعة فقال : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } ومعنى كونه منزلاً إليهم أنهم مخاطبون بذلك مكلفون به وإلا فهو بالحقيقة منزل على الرسول ، قالت العلماء : المنزل متناول للقرآن والسنة جميعاً . عن الحسن : يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة رسوله . وفي الآية دلالة على أن تخصيص عموم القرآن بالقياس غير جائز لأن متابعة المنزل واجبة فلو عمل بالقياس لزم التناقض . فإن قيل : العمل بالقياس لكونه مستفاداً من القرآن وهو قوله : { فاعتبروا } [ الحشر : 2 ] عمل بالقرآن أيضاً . قلنا : بعد التسليم إن الترجيح معنا لأن العمل بالمنزل ابتداء أولى من العمل بالمنزل بواسطة ، ثم أكد الأمر المذكور بقوله : { ولا تتبعوا من دونه } أي لا تتخذوا من دون الله { أولياء } من شياطين الجن والإنس فيحملوكم على عبادة الأوثان والأهواء والبدع . ويجوز أن يكون الضمير في { من دونه } لما أنزل أي لا تتبعوا من دون الله أولياء . احتج نفاة القياس بأن الآية دلت على أنه لا يجوز متابعة غير ما أنزل الله تعالى والعمل بالقياس . متابعة غير ما أنزل فلا يجوز . لا يقال العمل بالقياس عمل بالمنزل لقوله : { فاعتبروا } [ الحشر : 2 ] لأنا نقول : لو كان الأمر كذلك لكان تارك العمل بمقتضى القياس كافراً لقوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [ الكافرون : 44 ] وقد أجمعت الأمة على عدم تكفيره . أجاب مثبتو القياس بأن كون القياس حجة ثبت بإجماع الصحابة والإجماع دليل قاطع وظاهر العموم دليل مظنون فلا يعارض القاطع . وزيف بأنكم أثبتم أن الإجماع حجة بعموم قوله { ويتبع غير سبيل المؤمنين } [ النساء : 115 ] { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } [ آل عمران : 110 ] وبعموم قوله صلى الله عليه وآله «لا تجتمع أمتي على الضلالة » والفرع لا يكون أقوى من الأصل . أجاب المثبتون بأن الآيات والأحاديث والإجماع لما تعاضدت في إثبات القياس قوي الظن وحصل الترجيح . ومن الحشوية من أنكر النظر في البراهين العقلية تمسكاً بالآية . وأجيب بأن العلم بكون القرآن لحجة موقوف على صحة التمسك بالدلائل العقلية فكيف تنكر . ثم ختم المخاطبة بنوع معاتبة فقال : { قليلاً ما تذكرون } أي تذكرون تذكراً قليلا . و«ما » مزيدة لتوكيد القلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.