فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

قوله : { اتبعوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ } يعني : الكتاب ، ومثله السنة لقوله : { وَمَا آتاكم الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنْهُ فانتهوا } ونحوها من الآيات ، وهو أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته . وقيل : هو أمر للأمة بعد أمره صلى الله عليه وسلم بالتبليغ ، وهو منزل إليهم بواسطة إنزاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } نهي للأمة عن أن يتبعوا أولياء من دون الله يعبدونهم ويجعلونهم شركاء لله ، فالضمير على هذا في { مِن دُونِهِ } يرجع إلى ربّ ، ويجوز أن يرجع إلى «ما » في ما أنزل إليكم أي لا تتبعوا من دون كتاب الله أولياء تقلدونهم في دينكم ، كما كان يفعله أهل الجاهلية من طاعة الرؤساء فيما يحللونه لهم ويحرمونه عليهم .

قوله : { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } انتصاب { قليلاً } على أنه صفة لمصدر محذوف للفعل المتأخر ، أي تذكراً قليلاً ، و ما مزيدة للتوكيد أو هو منتصب على الحال من فاعل لا تتبعوا ، وما مصدرية : أي لا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً تذكرهم ، قرئ { تَذَكرُونَ } بالتخفيف بحذف إحدى التاءين ، وقرئ بالتشديد على الإدغام .