تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ} (3)

المفردات :

لتنذر به : الإنذار الإخبار مع تخويف العاقبة .

وذكرى : أي : وتذكير .

أولياء : أعوان ونصراء جمع ولي .

التفسير :

اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم . . .

أي : اتبعوا القرآن العظيم ، والسنة النبوية معه ؛ لأنها تبينه وتفسره فقد قال تعالى : وما آتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . . ( الحشر : 7 ) .

والآية الكريمة كلام مستأنف خوطب به كافة المكلفين .

قال د . محمد سيد طنطاوي :

أي : اتبعوا أيها الناس ملة الإسلام وأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، وامتثلوا أوامره ، واجتنبوا نواهيه ، لأن الذي أنزل عليكم هذه الشريعة هو ربكم ، الذي هو خالقكم ومربيكم ومدبر أموركم ، والعليم بما فيه مصلحتكم .

ولا تتبعوا من دونه أولياء .

أي : أفردوا الله بالألوهية ، ولا تتجاوزونه إلا الشركاء والرؤساء فيما يحللونه ويحرمونه .

قال أبو السعود : ولا تتبعوا من دونه . . . أي : من دون ربكم الذي أنزل إليكم ما يهديكم إلى الحق .

أولياء . من الجن والإنس بأن تقبلوا منهم ما يلقونه إليكم بطريق الوسوسة والإغواء من الأباطيل ؛ ليضلوكم عن الحق ، ويحملوكم على البدع والأهواء الزائفة .

قليلا ما تذكرون .

أي : تذكروا قليلا ما تتذكرون .

قال أبو السعود : وقرئ يتذكرون على صيغة الغيبة ، وقليلا منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أو لظرف زمان محذوف ، وما مزيدة ؛ لتأكيد القلة .

أي : تذكروا قليلا ، أو زمانا قليلا تتذكرون لا كثيرا ، حيث لا تتأثرون بذلك ، ولا تعملون بموجبه ، وتتركون دين الله تعالى وتتبعون غيره ، ويجوز أن يراد بالقلة ؛ : العدم ، كما قيل في قوله تعالى : فقليلا ما يؤمنون .

والجملة قليلا ما تذكرون . اعتراض تذييلي مسوق ؛ لتقبيح حال المخاطبين .

وقال الشوكاني : قليلا ما تذكرون أي : إن البشر يتذكرون الحق في شأن الإيمان قليلا ، وينسون ذلك أو يجهلونه كثيرا .