معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

قوله تعالى : { ولولا إذ دخلت جنتك } أي : هلا إذ دخلت جنتك { قلت ما شاء الله } أي : الأمر ما شاء الله . وقيل : جوابه مضمر ، أي : ما شاء الله كان ، وقوله : { لا قوة إلا بالله } أي : لا أقدر على حفظ مالي أو دفع شيء عنه إلا بإذن الله . وروي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى من ماله شيئاً يعجبه أو دخل حائطاً من حيطانه . قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله . ثم قال : { إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً } أنا عماد ، ولذلك نصب أقل ، معناه : إن ترني أقل منك مالاً وولداً فتكبرت وتعظمت عليّ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

ثم أرشده إلى ما كان يجب عليه أن يقوله عند دخوله جنته فقال : { ولولا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ الله لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله . . . } .

قال الإمام ابن كثير : هذا تحضيض وحث على ذلك . أى : هلا إذ أعجبتك جنتك حين دخلتها ونظرت إليها ، حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعط غيرك وقلت { مَا شَآءَ الله لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله } ، ولهذا قال بعض السلف : من أعجبه شئ من حاله أو ولده أو ماله ، فليقل : ما شاء الله لا قوة إلا بالله . . وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة . وقد روى فيه حديث مرفوع . . فعن أنس - رضى الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، فيرى فيه آفة دون الموت " .

وقال الآلوسى : وقوله : " ما شاء الله ، أى : الأمر ما شاء الله ، أو ما شاء الله - تعالى - كائن ، على أن " ما " موصولة مرفوعة المحل . إما على أنها خبر مبتدأ محذوف . أو على أنها مبتدأ محذوف الخبر . . وأيما كان فالمراد تحضيضه على الاعتراف بأن جنته وما فيها بمشيئة الله - تعالى - إن شاء أبقاها وإن شاء أبادها

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

28

ويوجهه إلى الأدب الواجب في حق المنعم . وينذره عاقبة البطر والكبر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

وقوله { ولولا إذ دخلت جنتك } الآية : وصية من المؤمن للكافر ، { ولولا } تحضيض ، بمعنى هلا و { ما } يحتمل أن تكون بمعنى الذي ، بتقدير الذي إن شاء الله كائن ، وفي { شاء } ضمير عائد ، ويحتمل أن تكون شرطية ، بتقدير ما شاء الله كان ، ويحتمل أن تكون خبر ابتداء محذوف تقديره هو ما شاء الله ، أو الأمر ما شاء الله ، وقوله { لا قوة إلا بالله } تسليم وضد لقول الكافر { ما أظن أن تبيد هذه أبداً } وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي هريرة «ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة ؟ قال بلى يا رسول الله ، قال { لا قوة إلا بالله } إذا قالها العبد قال الله عز وجل أسلم عبدي واستسلم »{[2]} ، وفي حديث أبي موسى : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له «يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ » قال افعل يا رسول الله ، قال «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم »{[3]} ، واختلفت القراءة في حذف الياء من { ترن } وإثباتها فأثبتها ابن كثير وصلاً ووقفاً ، وحذفها ابن عامر وعاصم وحمزة فيهما ، وأثبتها نافع وأبو عمرو في الوصل فقط ، وقرأ الجمهور «أقلَّ » بالنصب على المفعول الثاني ، وقوله { أنا } فاصلة ملغاة وقرأ عيسى بن عمر : «أقلُّ » بالرفع ، على أن يكون { أنا } مبتدأ و «أقل » خبره ، والجملة في موضع المفعول الثاني ، والرؤية ، رؤية القلب في هذه الآية .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

{ ولو لا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله }

عطف جملة { ولولا إذ دخلت } على جملة { أكفرت } عطف إنكار على إنكار . و ( لولا ) للتوبيخ ، كشأنها إذا دخلت على الفعل الماضي ، نحو { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء } [ النور : 13 ] ، أي كان الشأن { أن تقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله } عوض قولك : { ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعة قائمة } [ الكهف : 36 ] . والمعنى : أكفرت بالله وكفرت نعمته .

و ( ما ) من قوله : { ما شاء الله } أحسن ما قالوا فيها إنها موصولة ، وهي خبر عن مبتدأ محذوف يدل عليه ملابسة حال دخول الجنة ، أي هذه الجنة مَا شاء الله ، أي الأمر الذي شاء الله إعطاءه إياي .

وأحسن منه عندي : أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة . والتقدير : هذه شيء شاء الله ، أي لي .

وجملة { لا قوة إلا بالله } تعليل لكون تلك الجنة من مشيئة الله ، أي لا قوة لي على إنشائها ، أو لا قوة لمن أنشأها إلا بالله ، فإن القوى كلها موهبة من الله تعالى لا تؤثر إلا بإعانته بسلامة الأسباب والآلات المفكرة والصانعة . فما في جملة { لا قوة إلا بالله } من العُموم جعلها كالعلة والدليلِ لكون تلك الجنة جزئياً من جزئيات منشئات القوى البشرية الموهوبة للناس بفضل الله .

{ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا }

جملة ابتدائية رَجع بها إلى مجاوبة صاحبه عن قوله : { أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } [ الكهف : 34 ] ، وعظه فيها بأنه لا يدري أن تصير كثرة ماله إلى قلة أو إلى اضمحلال ، وأن يصير القليلُ مالُه ذا مال كثير .

وحذفت ياء المتكلم بعد نون الوقاية تخفيفاً وهو كثير .