فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

{ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء الله } لولا للتحضيض ، أي : هلاّ قلت عندما دخلتها هذا القول . قال الفراء والزجاج : «ما » في موضع رفع على معنى الأمر ما شاء الله ، أي : هلاّ قلت حين دخلتها : الأمر بمشيئة الله ، وما شاء الله كان ، ويجوز أن تكون «ما » مبتدأ والخبر مقدّر ، أي : ما شاء الله كائن ، ويجوز أن تكون «ما » شرطية والجواب محذوف ، أي : أيّ شيء شاء الله كان { لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله } أي : هلا قلت : ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله ، تحضيضاً له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله ، إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها ، وعلى الاعتراف بالعجز ، وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا بقوّته وقدرته . قال الزجاج : لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله ، ولا يكون إلا ما شاء الله . ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه أجابه على افتخاره بالمال والنفر فقال : { إن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا } المفعول الأوّل : ياء الضمير ، و«أنا » : ضمير فصل ، و{ أقلّ } : المفعول الثاني للرؤية إن كانت علمية ، وإن جعلت بصرية كان انتصاب أقلّ على الحال ، ويجوز أن يكون { أنا } تأكيد لياء الضمير ، وانتصاب { مالاً } و{ ولداً } على التمييز .

/خ44