الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا} (39)

قوله : { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ } : " لولا " تحضيضة داخلةٌ على " قلتَ " و " إذا دَخَلْتَ " منصوبٌ ب " قلتَ " فُصِلَ به بين " لولا " وما دَخَلَتْ عليه ، ولم يُبالَ بذلك لأنه ليس بأجنبي ، وقد عَرَفْتَ أنَّ حرف التحضيض إذا دخل على الماضي كان للتوبيخ .

قوله : { مَا شَآءَ اللَّهُ } يجوزُ في " ما " وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ شرطيةً ، فتكونَ في محلِّ نصبٍ مفعولاً مقدماً وجوباً ب " شاء " أي : أيَّ شيءٍ شاء اللهُ . والجواب محذوف ، أي : ما شاء الله كان ووقَعَ . والثاني : أنها موصولةٌ بمعنى الذي ، وفيها حينئذٍ وجهان ، أحدهما : أن تكونَ مبتدأةً ، وخبرُها محذوفٌ ، أي : الذي شاءه اللهُ كائنٌ وواقعٌ . والثاني : أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه : الأمرُ الذي شاءه الله . وعلى كلِّ تقديرٍ : فهذه الجملة في محلِّ نصب بالقول .

قوله : { إِلاَّ بِاللَّهِ } خبرُ " لا " التبرئةِ ، والجملةُ أيضاً منصوبةٌ بالقولِ ، أي : لولا قُلْتَ هاتين الجملتين .

قوله : { إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ } يجوز في " أنا " وجهان . أحدُهما : أنْ يكونَ مؤكِّداً لياء المتكلم . والثاني : أنه ضميرُ الفصلِ بين المفعولين . و " أَقَلَّ " مفعولٌ ثانٍ أو حالٌ بحسبِ الوجهين في الرؤية : هل هي بَصَريةٌ أو عِلْمِيةٌ ؟ إلا أنَّك إذا جعلتَها بَصَريةً تعيَّن في " أنا " أَنْ تكونَ توكيداً لا فصلاً ؛ لأنَّ شرطَه أَنْ يقع بين مبتدأ وخبرٍ ، أو ما أصلُه المبتدأُ والخبرُ .

وقرأ عيسى بن عمرَ " أَقَلَّ " بالرفع ، ويَتَعَيَّن أن يكونَ " أنا " مبتدأ ، و " أقلُّ " خبرُه . والجملةُ : إمَّا في موضعِ المفعولِ الثاني ، وإمَّا في موضع الحال على ما تقدَّم في الرؤية .

و { مَالاً وَوَلَداً } تمييز . وجوابُ الشرطِ قولُه { فعسَى رَبِّي } .