{ نذيراً للبشر } يعني النار نذيراً للبشر ، قال الحسن : والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها . وهو نصب على القطع من قوله : { لإحدى الكبر } لأنها معرفة ، و { نذيراً } نكرة ، قال الخليل : النذير مصدر كالنكير ، ولذلك وصف به المؤنث ، وقيل : هو من صفة الله سبحانه وتعالى ، مجازه : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيراً للبشر أي إنذاراً لهم . قال أبو رزين يقول أنا لكم منها نذير ، فاتقوها . وقيل : هو صفة محمد صلى الله عليه وسلم معناه : يا أيها المدثر قم نذيراً للبشر ، فأنذر ، وهذا معنى قول ابن زيد .
وانتصب لفظ " نذيرا " من قوله : { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } على أنه حال من الضمير فى قوله { إِنَّهَا لإِحْدَى الكبر } أى : إن سقر لعظمى العظائم ، ولداهية الدواهى ، حال كونها إنذارا للبشر ، حتى يقلعوا عن كفرهم وفسوقهم ، ويعودوا إلى إخلاص العبادة لخالقهم .
ويصح أن يكون تمييزا لإِحدى الكبر ، لما تضمنته من معنى التعظيم ، كأنه قيل : إنها لإِحدى الكبر إنذارا للبشر ، وردعا لهم عن التمادى فى الكفر والضلال . . فالنذير بمعنى الإِنذار .
ووراء هذه الانبعاثات والإشراقات والاستقبالات ما في القمر ، وما في الليل ، وما في الصبح من حقيقة عجيبة هائلة يوجه القرآن إليها المدارك ، وينبه إليها العقول . ومن دلالة على القدرة المبدعة والحكمة المدبرة ، والتنسيق الإلهي لهذا الكون ، بتلك الدقة التي يحير تصورها العقول .
ويقسم الله سبحانه بهذه الحقائق الكونية الكبيرة لتنبيه الغافلين لأقدارها العظيمة ، ودلالاتها المثيرة . يقسم على أن( سقر )أو الجنود التي عليها ، أو الآخرة وما فيها ، هي إحدى الأمور الكبيرة العجيبة المنذرة للبشر بما وراءهم من خطر :
إنها لأحدى الكبر ، نذيرا للبشر . .
والقسم ذاته ، ومحتوياته ، والمقسم عليه بهذه الصورة . . كلها مطارق تطرق قلوب البشر بعنف وشدة ، وتتسق مع النقر في الناقور ، وما يتركه من صدى في الشعور . ومع مطلع السورة بالنداء الموقظ : ( يا أيها المدثر )والأمر بالنذارة : ( قم فأنذر ) . . فالجو كله نقر وطرق وخطر ! !
وقوله تعالى : { نذيراً للبشر } قال الحسن بن أبي الحسن : لا نذير إذ هي من النار . وهذا القول يقتضي أن { نذيراً } حال من الضمير في { إنها } . أو من قوله { لإحدى } ، وكذلك أيضاً على الاحتمال في أن تكون { إنها } يراد بها قصة الآخرة وحال العالم ، وقال أبو رزين : الله جل ذكره هو النذير ، فهذا القول يقتضي أن { نذيراً } معمول الفعل تقديره : ليس نذيراً للبشر أو ادعوا نذيراً للبشر ، وقال ابن زيد محمد عليه السلام هو النذير : فهذا القول يقتضي أن { نذيراً } معمول لفعل . وهذا اختيار الخليل في هذه الآية ذكره الثعلبي قال : ولذلك يوصف به المؤنث ، وقرأ ابن أبي عبلة «نذيرٌ » بالرفع على إضمار هو .
وانتصب { نذيراً } على الحال من ضمير { إِنها } ، أي إنها لعُظمَى العظائم في حال إنذارها للبشر وكفى بها نذيراً .
والنذير : المُنذر ، وأصله وصف بالمصدر لأن { نذيراً } جاء في المصادر كما جاء النكير ، والمصدر إذا وصف به أو أخبر به يلزم الإِفرادَ والتذكيرَ ، وقد كثر الوصف ب ( النذير ) حتى صار بمنزلة الاسم للمُنذر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.