قوله : { نَذِيراً } . فيه أوجه :
أحدها : أنه تمييز من " إحدى " لما ضمنت معنى التعظيم ، كأنه قيل : أعظم الكبر إنذاراً ، ف " نذير " بمعنى " الإنذار " كالنكير بمعنى الإنكار ، كأنه قيل : إنها لإحدى الدواهي إنذاراً ، ومثله : هي إحدى النساء عفافاً .
الثاني : أنه مصدر بمعنى الإنذار أيضاً ولكنه نصب بفعل مقدَّر ، قاله الفراء .
الثالث : أنه «فعيل » بمعنى «مُفْعِل » وهو حال من الضمير في «إنها » . قاله الزجاج ، وذُكِّرَ لأن معناه معنى العذاب أو أراد أنَّها «ذات إنذارٍ » على معنى النسب ، كقولهم : امرأة طالق وطاهر .
قال الحسن رضي الله عنه : والله ما أنذرَ الخلائق بشيءٍ أدهى منها .
الرابع : أنه حال من الضمير في «إحدى » لتأويلها بمعنى العظم .
الخامس : أنه حال من فاعل «قُمْ » أول السورة ، والمراد بالنذير : محمدٌ صلى الله عليه وسلم أي : قُمْ نذيراً للبشر ، أي : مخوفاً لهم . قاله أبو علي الفارسي .
وروي عن ابن عباس ، وأنكره الفراء .
قال ابن الأنباري : قال بعض المفسرين : معناه يا أيُّها المدثِّر ، قُم نذيراً للبشر ، وهذا قبيح لطول ما بينهما .
السادس : أنه مصدر منصوب ب «أنذِر » أول السورة ، كأنه قال : إنذاراً للبشر .
قال الفراء : يجوز أن يكون النذير بمعنى الإنذار ، أي : أنذر إنذاراً ، فهو كقوله تعالى : { كَيْفَ نَذِيرِ } [ الملك : 17 ] . أي : إنذاري ، فعلى هذا يكون راجعاً إلى أول السورة .
السابع : هو حالٌ من «الكُبَر » .
الثامن : حالٌ من ضمير «الكُبَرِ » .
التاسع : أنه منصوب بإضمار «أعني » .
العاشر : أنه حال من «لإحدى » . قاله ابن عطية .
الحادي عشر : أنَّه منصوب ب «ادع » مقدَّراً ، إذ المراد به الله تبارك وتعالى .
روى أبو معاوية الضرير : حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي رزين : «نذيراً للبشر » ، قال : يقول الله عز وجل : أنا لكم منها نذير فاتقوها .
و «نذيراً » على هذا نصب على الحال ، أي ب { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النار إِلاَّ مَلاَئِكَةً } منذراً بذلك البشر .
الثاني عشر : أنَّه منصوب ب «نادى ، أو ببلِّغ » إذ المراد به الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثالث عشر : أنَّه منصوب بما دلَّت عليه الجملة ، تقديره : عظُمتْ نذيراً .
الرابع عشر : هو حال من الضمير في «الكُبَرِ » .
الخامس عشر : أنَّها حال من «هو » في قوله { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } .
السادس عشر : أنَّها مفعول من أجله ، النَّاصب لها ما في «الكُبَرِ » من معنى الفعل .
قال أبو البقاء : «إنَّها لإحْدى الكبر لإنذار البشر » . فظاهرُ هذا أنه مفعول من أجله . واعلم أنَّ النصب : قراءةُ العامَّة .
وقرأ أبي بن كعب{[58569]} ، وابن أبي عبلة : بالرفع .
فإن كان المراد النار جاز فيه وجهان :
أن يكون خبراً بعد خبرٍ ، وأن يكون خبر مبتدإ مضمرٍ ، أي : هي نذير ، والتذكِر - لما تقدم - من معنى النَّسبِ . وإن كان الباري تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم كان على خبر مبتدإ مضمر ، أي : هو نذير .
و «للبشر » : إما صفة ، وإما مفعول ل «نذير » واللام مزيدة لتقوية العامل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.