البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{نَذِيرٗا لِّلۡبَشَرِ} (36)

وقرأ الجمهور : { نذيراً } ، واحتمل أن يكون مصدراً بمعنى الإنذار ، كالنكير بمعنى الإنكار ، فيكون تمييزاً : أي لإحدى الكبر إنذاراً ، كما تقول : هي إحدى النساء عفافاً .

كما ضمن إحدى معنى أعظم ، جاء عنه التمييز .

وقال الفراء : هو مصدر نصب بإضمار فعل ، أي أنذر إنذاراً .

واحتمل أن يكون اسم فاعل بمعنى منذر .

فقال الزجاج : حال من الضمير في إنها .

وقيل : حال من الضمير في إحدى ، ومن جعله متصلاً بقم في أول السورة ، أو بفأنذر في أول السورة ، أو حالاً من الكبر ، أو حالاً من ضمير الكبر ، فهو بمعزل عن الصواب .

قال أبو البقاء : والمختار أن يكون حالاً مما دلت عليه الجملة تقديره : عظمت نذيراً .

انتهى ، وهو قول لا بأس به .

قال النحاس : وحذفت الهاء من نذيراً ، وإن كان للنار على معنى النسب ، يعني ذات الإنذار .

وقال علي بن سليمان : أعني نذيراً .

وقال الحسن : لأنذر ، إذ هي من النار .

قال ابن عطية : وهذا القول يقتضي أن نذيراً حال من الضمير في إنها ، أو من قوله : { لإحدى } .

قال أبو رزين : نذير هنا هو الله تعالى ، فهو منصوب بإضمار فعل ، أي ادعوا نذيراً .

وقال ابن زيد : نذير هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو منصوب بفعل مضمر ، أي ناد ، أو بلغ ، أو أعلن .

وقرأ أبيّ وابن أبي عبلة : نذير بالرفع .

فإن كان من وصف النار ، جاز أن يكون خبراً وخبر مبتدأ محذوف ، أي هي نذير ، وإن كان من وصف الله أو الرسول ، فهو على إضمار هو .