الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{نَذِيرٗا لِّلۡبَشَرِ} (36)

قوله : { نَذِيراً } : فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه تمييزٌ عن " إحدى " ، كمَّا ضُمِّنَتْ معنى التعظيم ، كأنه قيل : أعظم الكُبَر إنذاراً ، ف " نذير " بمعنى الإِنذارِ كالنَّكير بمعنى الإِنكار ، ومثلُه " هي إحدى النساءِ عَفافاً " . الثاني : أنه مصدرٌ بمعنى الإِنذار أيضاً ، ولكنه نُصِب بفعلِ مقدَّرٍ ، قاله الفراء . الثالث : أنه فعيلٌ بمعنى مُفْعِل ، وهو حالٌ من الضميرِ في " إنَّها " قاله الزجاج . الرابع : أنه حالٌ من الضمير في " إحدى " لتأوُّلها بمعنى العظيم . الخامس : أنَّه حالٌ من فاعلِ " قم " أولَ السورةِ . السادس : أنَّه مصدرٌ منصوبٌ ب أَنْذِرْ أولَ السورةِ . السابع : هو حالٌ مِنْ " الكُبَر " . الثامن : حالٌ من ضميرِ الكُبَر . التاسع : هو حالٌ مِنْ " لإِحدى " ، قاله ابن عطية . العاشر : أنَّه منصوبٌ بإضمار أَعْني . الحادي عشر : أنَّه منصوبٌ ب ادْعُ مُقَدَّراً ؛ إذ المُراد به اللَّهُ تعالى . الثاني عشر : أنَّه منصوبٌ ب " نادِ أو ب بَلِّغ ؛ إذ المرادُ به الرسولُ صلى الله عليه وسلم . الثالثَ عشرَ : أنه منصوبٌ بما دَلَّتْ عليه الجملةُ ، تقديره : عَظُمْتَ نذيراً . الرابعَ عشرَ : هو حالٌ من الضميرِ في " الكُبَرِ " . الخامسَ عشرَ : أنها حالٌ مِنْ " هو " في قولِه وما يعلَمُ جنودَ ربِّك إلاَّ هو . السادسَ عشرَ : أنها مفعولٌ مِنْ أجلِه ، الناصبُ لها ما في " الكُبَر " ، مِنْ معنى الفعل . قال أبو البقاء : " أو إنَّها لإِحدى الكُبر لإِنذارِ البشر " فظاهرُ هذا أنه مفعولٌ مِنْ أجلِه . وفيه بُعْدٌ وإذا جُعِلَتْ حالاً مِنْ مؤنثٍ فإنَّما لم تُؤَنَّثْ لأنَّها بمعنى ذاتِ إنذارٍ على معنى النَّسَب . قال معناه أبو جعفر .

والنصبُ قراءةُ العامَّةِ ، وابن أبي عبلة وأُبَيُّ بنُ كعبٍ بالرفع . فإنْ كان المرادُ النارَ جاز لك وجهان : أَنْ يكونَ خبراً بعد خبر ، وأَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ ، أي : هي نذيرٌ ، والتذكيرُ لِما تقدَّم مِنْ معنى النَّسَبِ ، وإنْ كان المرادُ الباريَ تعالى أو رسولَه عليه السلام كان على خبر مبتدأ مضمرٍ ، أي : هو نذيرٌ . " وللبشر " إمَّا صفةٌ . وإمَّأ مفعولٌ لنذير ، واللامُ مزيدةٌ لتقويةِ العامل .