معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

قوله تعالى :{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين } ولم يقل : رسولا رب العالمين ، لأنه أراد الرسالة ، أي : أنا ذو رسالة رب العالمين ، كما قال كثير : لقد كذب الواشون ما بحت عندهم *** بسر ولا أرسلتهم برسول

أي : بالرسالة ، وقال أبو عبيدة : يجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع ، تقول العرب : هذا رسولي ووكيلي وهذان وهؤلاء رسولي ووكيلي ، كما قال الله تعالى : { وهم لكم عدو } وقيل : معناه كل واحد منا رسول رب العالمين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

والفاء فى قوله : { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ } لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الوعد برعايتهما .

و " أن " فى قوله { أَنْ أَرْسِلْ } مفسرة . لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول .

أى : اذهبا وأنتما متسلحان بآياتنا الدالة على صدقكما ، فنحن معكم برعايتنا وقدرتنا . فأتيا فرعون بدون خوف أو وجل منه { فقولا } له بكل شجاعة وجراءة { إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين } أى : رب جميع العوالم التى من بينها عالم الجن . وعالم الملائكة .

وقد أرسلنا - سبحانه - إليك ، لكى تطلق سراح بنى إسرائيل من ظلمك وبغيك ، وتتركهم يذهبون معنا إلى أرض الله الواسعة لكى يعبدوا الله - تعالى - وحده .

قال الآلوسى : " وإفراد الرسولى فى قوله { إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين } لأنه مصدر بحسب الأصل ، وصف به كما يوصف بغيره من المصادر للمبالغة ، كرجل عدل . . . أو لوحدة المرسل أو المرسل به - أى : لأنهما ذهبا برسالة واحدة وفى مهمى واحدة " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

10

اذهبا ( فأتيا فرعون )فأخبراه بمهمتكما في غير حذر ولا تلجلج : ( فقولا : إنا رسول رب العالمين )وهما اثنان ولكنهما يذهبان في مهمة واحدة برسالة واحدة . فهما رسول . رسول رب العالمين . في وجه فرعون الذي يدعي الألوهية ، ويقول لقومه : ( ما علمت لكم من إله غيري )فهي المواجهة القوية الصريحة بحقيقة التوحيد منذ اللحظة الأولى ، بلا تدرج فيها ولا حذر . فهي حقيقة واحدة لا تحتمل التدرج والمداراة .

( إنا رسول رب العالمين ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

{ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، وقال في الآية الأخرى : { إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ } [ طه : 47 ] أي : كل منا رسول الله إليك

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

الرسول : فَعُول بمعنى مُفعَل ، أي مُرسل . والأصل فيه مطابقة موصوفه ، بخلاف فعول بمعنى فاعل فحقه عدم المطابقة سماعاً ، وفعول بمعنى اسم المفعول قليل في كلامهم ومنه : بقرة ذَلول ، وقولهم : صَبُوح ، لما يشرب في الصباح ، وغبوق ، لما يشرب في العشي ، والنَّشوق ، لما ينشق من دواء ونحوه . ولكن رسول يجوز فيه أن يُجرى مجرى المصدر فلا يطابق ما يجري عليه في تأنيث وما عدا الإفراد ، وورد في كلامهم بالوجهين تارة مُلازماً الإفراد والتذكير كما في هذه الآية ، وورد مطابقاً كما في قوله تعالى : { فقولا إنّا رسولا ربك } في سورة [ طَه : 47 ] ، فذهب الجوهري إلى أنه مشترك بين كونه اسماً بمعنى مَفعول وبين كونه اسم مصدر ولم يجعله مصدراً إذ لا يعرف فعول مصدراً لغير الثلاثي ، واحتج بقول الأشْعَر الجعفي :

ألاَ أَبلِغ بني عَمرو رسولاً *** بأني عن فُتاحتِكُم غَنِيُّ

[ الفتاحة : الحكم ] . وتبعه الزمخشري في هذه الآية إذ قال : الرسول يكون بمعنى المرسَل وبمعنى الرسالة فجُعل ثَمَّ ( أي في قوله : { إنا رسولا ربّك } في سورة [ طه : 47 ] ) بمعنى المرْسَل ، وجُعل هنا بمعنى الرسالة .

وقد قال أبو ذؤيب الهذلي :

ألِكْنِي إليها وخير الرسُو *** ل أعلَمُهُم بنواحي الخبر

فهل من ريبة في أن ضمير الرسول في البيت مراد به المرسلون . وتصريح النحاة بأن فَعولاً الذي بمعنى المفعول يجوز إجراؤه على حالة المتّصِففِ به من التذكير والتأنيث فيجوز أن تقول : ناقَة رَكُوبة ورَكُوب ، يقتضي أن التثنية والجمعَ فيه مثل التأنيث . وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في سورة طه وأحلنا تحقيقه على ما هنا .

ومبادأة خطابهما فرعونَ بأن وصفا الله بصفة ربّ العالمين مجابهة لفرعون بأنه مربوب وليس بربّ ، وإثبات ربوبية الله تعالى للعالمين . والنفي يقتضي وحدانية الله تعالى لأن العالمين شامل جميعَ الكائِنات فيشمل معبودات القبط كالشمس وغيرها ، فهذه كلمة جامعة لما يجب اعتقاده يومئذ .