السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

{ فأتيا } أي : فتسبب عن ذهاب ما ذكرت بالحراسة والحفظة أني أقول لكما ائتيا { فرعون } نفسه وإن عظمت مملكته وجلت جنوده { فقولا } أي : ساعة وصولكما له ولمن عنده { إنا رسول رب العالمين } أي : المحسن إلى جميع الخلق المدبر لهم مصالحهم ، فإن قيل : هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله تعالى : { إنا رسولا ربك } ؟ ( طه ، 47 ) أجيب : بأن الرسول يكون بمعنى المرسل فلم يكن بد من تثنيته ، وأما ههنا فهو إما لأنه مصدر بمعنى الرسالة والمصدر يوحد ومن مجيء رسول بمعنى الرسالة قوله :

لقد كذب الواشون ما فهت عندهم *** بسرّ ولا أرسلتهم برسول

أي : برسالة ، والواشون الساعون بالكذب عند ظالم وما فهت بمعنى ما تكلمت ، وإما لأنهما ذوا شريعة واحدة فنزلا منزلة رسول ، وإما لأنه من وضع الواحد موضع التثنية لتلازمهما فصارا كالشيئين المتلازمين كالعينين واليدين ، وقال أبو عبيدة : يجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع تقول العرب هذا رسولي ووكيلي وهذان رسولي ووكيلي وهؤلاء رسولي ووكيلي ، كما قال تعالى : { وهم لكم عدوّ } ( الكهف : 50 ) .