اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأۡتِيَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

{ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين } إنما أفرد «رَسُول » إمَّا لأنه مصدر{[36955]} بمعنى : رسالة والمصدر يُوَحَّدُ ، ومن مجيء «رَسُول » بمعنى رسالة قوله{[36956]} :

3897 - لَقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ مَا فُهْتُ عِنْدَهُمْ *** بِسِرٍّ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ{[36957]}

أي برسالة . وإما لأنهما ذَوَا شريعة واحدة فنُزِّلا منزلة رسول{[36958]} .

وإما لأن المعنى : كل واحد منا رسول{[36959]} . وإما لأنه من وضع الواحد موضع التثنية لتلازمهما{[36960]} ، فصارا كالشيئين المتلازمين ، كالعينين واليدين . وحيث لم يقصد هذه المعاني طابق في قوله : { إِنًّا رَسُولُ رَبِّكَ } [ طه : 47 ] . وقال أبو عبيد{[36961]} : يجوز أن يكون «الرسول » بمعنى الاثنين والجمع ، تقول العرب : هذا رسولي ووكيلي ، [ وهذان رسولي ووكيلي ]{[36962]} ، وهؤلاء رسولي ووكيلي{[36963]} ، كما قال : { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } [ الكهف : 50 ] .


[36955]:وهو قول أبي عبيدة 2/84، وانظر البيان 2/212، التبيان 2/994، البحر المحيط 7/8.
[36956]:في ب: فقوله. وهو تحريف.
[36957]:البيت من بحر الطويل، قاله كثير، وهو في ديوانه (110)، ومجاز القرآن 2/84، تفسير غريب القرآن (316)، والمذكر والمؤنث 2/293، الكشاف 3/110، البيان 2/206، 212، القرطبي 13/93، اللسان (رسل). الواشون: جمع واش، وهو الساعي بين الناس يوقع بينهم، وروي: (ما بحت) بدل (ما فهت)، وفي ب: برسولي. والشاهد فيه: قوله: (برسول)، فإنه مصدر بمعنى: رسالة.
[36958]:انظر الكشاف 3/110، البحر المحيط 7/8.
[36959]:انظر القرطبي 13/94، البحر المحيط 7/8.
[36960]:أي: رسول الله موسى وأخوه هارون.
[36961]:في النسختين: أبو عبيدة. والتصويب من القرطبي.
[36962]:ما بين القوسين سقط من الأصل.
[36963]:انظر القرطبي 13/94.