معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

{ عن اليمين وعن الشمال عزين } حلقاً وفرقاً ، والعزين : جماعات في تفرقة ، واحدتها عزة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

والمراد بقوله : { عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال } : جميع الجهات ، إلا أنه عبر بهاتين الجهتين ، لأنهما الجهتان اللتان يغلب الجلوس فيهما حول الشخص .

وقوله : { عِزِينَ } تصوير بديع لالتفافهم من حوله متفرقة فى مشاربها ، وفى مآربها ، وفى طباعها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة ، والمشركون يسرعون الخطى إلى المكان الذي يكون فيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يتلو القرآن . ثم يتفرقون حواليه جماعات . ويستنكر إسراعهم هذا وتجمعهم في غير ما رغبة في الاهتداء بما يسمعون :

فما للذين كفروا قبلك مهطعين ? عن اليمين وعن الشمال عزين ? . .

المهطع هو الذي يسرع الخطى مادا عنقه كالمقود . وعزين جمع عزة كفئة وزنا ومعنى . . وفي التعبير تهكم خفي بحركتهم المريبة . وتصوير لهذه الحركة وللهيئة التي تتم بها . وتعجب منهم . وتساؤل عن هذا الحال منهم ! وهم لا يسرعون الخطى تجاه الرسول ليسمعوا ويهتدوا ، ولكن فقط ليستطلعوا في دهشة ثم يتفرقوا كي يتحلقوا حلقات يتناجون في الكيد والرد على ما يسمعون !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

{ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } قال : العزين : العُصَب من الناس ، عن يمين وشمال معرضين يستهزئون به .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار . حدثنا أبو عامر ، حدثنا قرة ، عن الحسن{[29334]} في قوله : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } متفرقين ، يأخذون يمينًا وشمالا يقولون : ما قال هذا الرجل ؟

وقال قتادة : { مُهْطِعِينَ } عامدين ، { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } أي : فِرَقًا حول النبي صلى الله عليه وسلم لا يرغبون في كتاب الله ، ولا في نبيه صلى الله عليه وسلم .

وقال الثوري ، وشعبة ، وعيسى بن يونس وعَبْثَر بن القاسم{[29335]} ومحمد بن فضيل ، ووَكِيع ، ويحيى القطان ، وأبو معاوية ، كلهم عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن تميم بن طرفة ، عن جابر بن سمرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم{[29336]} وهم حلق ، فقال : " ما لي أراكم عزين ؟ "

رواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، من حديث الأعمش ، به{[29337]}

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا مُؤَمَّل ، حدثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم حِلَق حِلق ، فقال : " ما لي أراكم عزين ؟ " {[29338]} .

وهذا إسناد جيد ، ولم أره في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه .


[29334]:- (2) في م : "عن الحسين".
[29335]:- (3) في م : "وعبثر بن القاسم وعيسى بن يونس".
[29336]:- (4) في م : "خرج على أصحابه".
[29337]:- (5) المسند (5/93) وصحيح مسلم برقم (430) وسنن أبي داود برقم (4823) وسنن النسائي الكبرى برقم (11622) وتفسير الطبري (29/54).
[29338]:- (1) تفسير الطبري (29/54).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

وموقع قوله : { عن اليمين وعن الشمال } مثل موقع { قبلك } وموقع { مهطعين . } والمقصود : كثرة الجهات ، أي واردين إليك .

والتعريف في { اليمين } و { الشمال } تعريف الجنس أو الألف واللام عوض عن المضاف إليه .

والمقصود من ذكر اليمين والشمال : الإِحاطة بالجهات فاكتفي بذكر اليمين والشمال ، لأنهما الجهتان اللتان يغلب حلولهما ، ومثله قول قَطَريّ بن الفُجَاءَةِ :

فلقد أراني للرماح دَريئَةً *** مِن عَنْ يميني مَرّة وأَمامي

يريد : من كل جهة .

و { عزِين } حال من { الذين كفروا } . و { عزين } : جمع عِزَة بتخفيف الزاي ، وهي الفِرقة من النّاس ، اسم بوزن فِعْلَة . وأصله عِزوة بوزن كِسوة ، وليست بوزن عِدَة . وجرى جمع عِزة على الإِلحاق بجمع المذكر السالم على غير قياس وهو من باب سَنَة من كل اسم ثلاثي حذفت لاَمه وعُوض عنها هاء التأنيث ولم يكسّر مثل عِضَة ( للقطعة ) .

وهذا التركيب في قوله تعالى : { فما للذين كفروا قِبَلك مهطعين } إلى قوله { جنة نعيم } يجوز أن يكون استعارة تمثيلية شبه حالهم في إسراعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحال من يُظن بهم الاجتماع لطلب الهدى والتحصيل على المغفرة ليدخلوا الجنة لأن الشأن أن لا يلتف حول النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ طالبوا الاهتداء بهديه .

والاستفهام على هذا مستعمل في أصل معناه لأن التمثيلية تجري في مجموع الكلام مع بقاء كلماته على حقائقها .

ويجوز أن يكون الكلام استفهاماً مستعملاً في التعجيب من حال إسراعهم ثم تكذيبهم واستهزائهم .