قوله : { عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ } .
أي : عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وشماله حلقاً حلقاً وجماعات .
قوله : «عِزيْنَ » ، حالٌ من «الَّذين كَفرُوا » .
وقيل : حال من الضمير في «مُهْطعِينَ » فيكونُ حالاً متداخلة ، و «عَن اليَميْنِ » ، يجوز أن يتعلق ب «عزين » ؛ لأنَّه بمعنى متفرقين . قاله أبو البقاء .
وأن يتعلق ب «مُهْطِعيْنَ » أي : مسرعين عن هاتين الجهتين ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال ، أي : كائنين عن اليمين . قاله أبو البقاء .
و «عَزِيْنَ » جمع عزة ، والعِزَة : الجماعة . قال مكيٌّ .
قال مكيٌّ : «وإنما جمع بالواو والنون ؛ لأنه مؤنث لا يعقل ؛ ليكون ذلك عوضاً مما حذفَ منه » .
قيل : إن أصله : عزهة ، كما أنَّ أصل سنة : سنهة ، ثم حذفت الهاء ، انتهى .
قال شهاب الدين{[57943]} : قوله : لا يعقل سَهْو ، لأن الاعتبار بالمدلولِ ، ومدلوله - بلا شك - عقلاء . واختلفوا في لام «عِزَة » على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنَّها «واو » من : «عزوته أعزوه » ، أي : نسبته ، وذلك أنَّ المنسوبَ مضمومٌ إلى المنسوب إليه ، كما أنَّ كلَّ جماعةٍ مضموم بعضها إلى بعض .
الثاني : أنَّها «ياء » ، إذ يقال «عَزيتُه » - بالياء - أعزيه بمعنى عزوته ، فعلى هذا في لامها لغتانِ .
الثالث : أنَّها هاءٌ ، وتجمع تكسيراً على «عِزَهٍ » نحو كسرة وكِسَر ، واستغني بهذا التكسير عن جمعها بالألف والتاء ، فلم يقولوا : «عزات » كما لم يقولوا في «شفة وأمة : شفَات ولا أمات » استغناء ب «شِفَاه وإماء » .
وقد كثر ورودُه مجموعاً ب «الواو » والنون ؛ قال الراعي : [ الكامل ]
4868 - أخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إنَّ عَشِيرَتِي***أمْسَى سَرَاتُهُم عِزينَ فُلُولاَ{[57944]}
4869 - ونَحْنُ وجنْدَلٌ بَاغٍ تَركْنَا*** كَتَائِبَ جَنْدلٍ شتَّى عِزينَا{[57945]}
4870 - وقِرْنٍ قَدْ تَركْتُ لِذِي وليٍّ***عليْهِ الطَّيْرُ كالعُصَبِ العِزينِ{[57946]}
4871 - تَرانَا عِنْدَهُ واللِّيلُ دَاجٍ***عَلى أبْوَابِهِ حِلقاً عِزينَا{[57947]}
4872 - فَلَمَّا أن أتَيْنَ على أضَاخٍ*** تَركْنَ حَصاهُ أشْتَاتاً عِزينَا{[57948]}
والعزة لغةً : الجماعة في تفرقة ، قاله أبو عبيدة .
ومنه حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم «أنه خرج إلى أصحابه فرآهم حلقاً ، فقال : " مَا لِي أراكُمْ عِزيْنَ ، ألا تصفُّونَ كما تُصَفُّ المَلائِكةُ عِندَ ربِّهَا " ، قالوا : وكيف تصف الملائكةُ ؟ قال : " يتمون الصف الأول فيتراصون في الصف " {[57949]} .
وقال الأصمعيُّ : العِزُونَ : الأصنافُ ، يقال : في الدَّار عزون ، أي : أصناف .
وفي «الصِّحاح »{[57950]} : «العِزَةُ » الفرقة من الناس .
وقيل : العِزَة : الجماعةُ اليسيرةُ كالثلاثة والأربعة .
وقال الراغبُ : «وقيل : هو من قولهم : عَزَا عزاء فهو عز إذا صبر ، وتعزَّى : تصبَّر ، فكأنَّها اسم للجماعة التي يتأسَّى بعضها ببعض » .
قال القرطبيُّ{[57951]} : ويقال : عِزُونَ ، وعُزُون - بالضم - ولم يقولوا : عزات ، كما قالوا : ثبات ، قيل : كان المستهزئون خمسة أرهُطٍ .
وقال الأزهريُّ : وأصلها من قولهم : عَزَا فلانٌ نفسه إلى بني فلانٍ يعزوها عزواً إذا انتمى إليهم ، والاسم : «العَزْوَة » ، كلُّ جماعةٍ اعتزوها إلى آخر واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.