ولكن قوم هود - عليه السلام - قابلوا كل ذلك بالتطاول عليه ، والسخرية منه فقالوا : { قَالُواْ ياهود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ . . } .
والبينة : ما يتبين به الحق من الباطل . أى : قالوا له يا هود إنك لم تجئنا بحجة تقنعنا بأنك على الحق فيما تدعو إليه ، وترضى نفوسنا وطباعنا وعاداتنا .
ثم أضافوا إلى ذلك قولهم : { وَمَا نَحْنُ بتاركي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } .
أى : وما نحن بتاركى آلهتنا بسبب قولك لنا الخالى عن الدليل : ارتكوا عبادتها واجعلوا عبادتكم لله وحده .
ثم أكدوا إصرارهم على كفرهم بقوله { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } أى : بمستجيبين لك ومصدقين .
تلك كانت دعوة هود - ويبدو أنها لم تكن مصحوبة بمعجزة خارقة . ربما لأن الطوفان كان قريبا منهم ، وكان في ذاكرة القوم وعلى لسانهم ، وقد ذكرهم به في سورة أخرى - فأما قومه فظنوا به الظنون . .
( قالوا . يا هود ما جئتنا ببينة ، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ، وما نحن لك بمؤمنين . إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء . . ) .
إلى هذا الحد بلغ الانحراف في نفوسهم ، إلى حد أن يظنوا أن هودا يهذي ، لأن أحد آلهتهم المفتراة قد مسه بسوء ، فأصيب بالهذيان !
( يا هود ما جئتنا ببينة ) . . .
والتوحيد لا يحتاج إلى بينة ، إنما يحتاج إلى التوجيه والتذكير ، وإلى استجاشة منطق الفطرة ، واستنباء الضمير .
( وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ) . .
يخبر{[14680]}تعالى [ إخبارًا عن قوم هود ]{[14681]} أنهم قالوا لنبيهم : { مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } أي : بحجة [ ولا دلالة ]{[14682]} [ ولا ]{[14683]} وبرهان على ما تدعيه ، { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ } أي : بمجرد قولك : " اتركوهم " نتركهم ، { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [ أي ]{[14684]} بمصدقين ،
المعنى : { ما جئتنا } بآية تضطرنا إلى الإيمان بك ونفوا أن تكون معجزاته آية بحسب ظنهم وعماهم عن الحق ، كما جعلت قريش القرآن سحراً وشعراً ونحو هذا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر » الحديث{[6390]} ، وهذا يقضي بأن هوداً وغيره من الرسل لهم معجزات وإن لم يعين لنا بعضها .
وقوله : { عن قولك } أي لا يكون قولك سبب تركنا إذ هو مجرد عن آية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.