السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ يَٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَيِّنَةٖ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِيٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (53)

ولما حكى الله تعالى عن هود ما ذكره لقومه حكى أيضاً ما ذكره قومه له وهو أشياء : أوّلها : ذكره تعالى بقوله : { قالوا يا هود ما جئتنا ببينة } أي : بحجة تدل على صحة دعواك . وسميت بينة ؛ لأنها تبين الحق ، ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام كان قد أظهر لهم المعجزات إلا أن القوم لجهلهم أنكروها وزعموا أنه ما جاء بشيء من المعجزات . وثانيها : قولهم : { وما نحن بتاركي آلهتنا } أي : عبادتها ، وقولهم : { عن قولك } أي : صادرين عن قولك حال من الضمير في تاركي ، وهذا أيضاً من جهلهم فإنهم كانوا يعرفون أنّ النافع والضارّ هو الله تعالى وأن الأصنام لا تضر ولا تنفع وذلك حكم فطرة العقل وبديهة النفس ، وثالثها : قولهم : { وما نحن لك بمؤمنين } أي : مصدّقين ، وفي ذلك إقناط له من الإجابة والتصديق .