إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ يَٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَيِّنَةٖ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِيٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (53)

{ قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } أي بحجة تدل على صحة دعواك وإنما قالوه لفَرْط عنادِهم وعدمِ اعتدادِهم بما جاءهم من البينات الفائتةِ للحصر .

{ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا } أي بتاركي عبادتِها { عَنْ قَوْلِكَ } أي صادرين عنه أي صادراً تركُنا عن ذلك بإسناد حالِ الوصفِ إلى الموصوف ومعناه التعليلُ على أبلغ وجهٍ لِدلالته على كونه علةً فاعليةً ، ولا يفيده الباءُ واللام وهذا كقولهم المنقولِ عنهم في سورة الأعراف { أجئتَنا لنعبُدَ الله وحدَه ونذرَ ما كان يعبُد آباؤُنا } [ الأعراف : 70 ] { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِين } أي بمصدقين في شيء مما تأتي وتذر فيندرج تحته ما دعاهم إليه من التوحيد وتركِ عبادةِ الآلهةِ ، وفيه من الدلالة على شدة الشكيمة وتجاوزِ الحدِّ في العتو ما لا يخفى .