معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

قوله تعالى : { فاصبر إن وعد الله } بنصرك ، { حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم } من العذاب في حياتك ، { أو نتوفينك } قبل أن يحل ذلك بهم . { فإلينا يرجعون } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

ثم ذكر الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم الوصية بالصبر فقال : { فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

وقوله : { فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ } أصله : فإن نُرِك ، فزيدت " ما " لتوكيد " إن " الشرطية ، وجوابها محذوف ، وقوله { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } جوابه { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

والمعنى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك يا محمد ، فاصبر على جدالهم بالباطل ، إن وعد الله - تعالى - بتعذيبهم وبنصرك عليهم حق .

فإن نرك بعض الذى نعدهم به من القتل والأسر والهزيمة فبها ونعمت ، أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا مرجعهم يوم القيامة ، فنجازيهم بما يستحقون من عقاب .

فالآية الكريمة تأمر النبى صلى الله عليه وسلم بمداومة الصبر ، وتحض على تبليغ ما أنزل إليه من ربه بدون كلل أو ملل ، ثم بعد ذلك يترك النتائج لله - تعالى - يسيرها كيف يشاء ، فإما أن يطلعه على ما توعد به أعداءه ، وإما أن يتوفاه قبل ذلك .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

56

وأمام هذا المشهد . مشهد الذل والمهانة والعذاب الرعيب . وعاقبة الجدال في آيات الله ، والكبر النافخ في الصدور . . أمام هذا المشهد وهذه العاقبة يتجه السياق إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يوصيه بالصبر على ما يجده من كبر ومن جدال ، والثقة بوعد الله الحق على كل حال . سواء أراه الله بعض الذي يعدهم في حياته ، أو قبضه إليه وتولى الأمر عنه . فالقضية كلها راجعة إلى الله ، وليس على الرسول إلا البلاغ ، وهم إليه راجعون :

( فاصبر إن وعد الله حق . فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ) . .

وهنا نقف أمام لفتة تستحق التدبر العميق . إن هذا الرسول الذي يلاقي ما يلاقي من الأذى والتكذيب والكبر والكنود ، يقال له ما مفهومه : أد واجبك وقف عنده . فأما النتائج فليست من أمرك . حتى شفاء صدره بأن يشهد تحقق بعض وعيد الله للمتكبرين المكذبين ليس له أن يعلق به قلبه ! إنه يعمل وكفى . يؤدي واجبه ويمضي . فالأمر ليس أمره . والقضية ليست قضيته . إن الأمر كله لله . والله يفعل به ما يريد .

يا لله ! يا للمرتقى العالي . ويا للأدب الكامل . الذي يأخذ الله به أصحاب هذه الدعوة . في شخص رسوله الكريم .

وإنه لأمر شاق على النفس البشرية . أمر يحتاج إلى الصبر على أشواق القلب البشري العنيفة . ألعله من أجل هذا كان التوجيه إلى الصبر في هذا الموضع من السورة . فلم يكن هذا تكراراً للأمر الذي سبق فيها . إنما كان توجيهاً إلى صبر من لون جديد . ربما كان أشق من الصبر على الإيذاء والكبر والتكذيب ? !

إن احتجاز النفس البشرية عن الرغبة في أن ترى كيف يأخذ الله أعداءه وأعداء دعوته ، بينما يقع عليها العداء والخصومة من أولئك الأعداء ، أمر شديد على النفس صعيب . ولكنه الأدب الإلهي العالي ، والإعداد الإلهي لأصفيائه المختارين ، وتخليص النفس المختارة من كل شيء لها فيه أرب ، حتى ولو كان هذا الأرب هو الانتصار من أعداء هذا الدين !

ولمثل هذه اللفتة العميقة ينبغي أن تتوجه قلوب الدعاة إلى الله في كل حين . فهذا هو حزام النجاة في خضم الرغائب ، التي تبدو بريئة في أول الأمر ، ثم يخوض فيها الشيطان بعد ذلك ويعوم !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

{ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

يقول تعالى آمرا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، بالصبر على تكذيب من كذبه من قومه ؛ فإن الله سينجز لك ما وعدك من النصر والظفر على قومك ، وجعل العاقبة لك ولمن اتبعك في الدنيا والآخرة ، { فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ } أي : في الدنيا . وكذلك وقع ، فإن الله أقر أعينهم من كبرائهم وعظمائهم ، أبيدوا في يوم بدر . ثم فتح الله عليه مكة وسائر جزيرة العرب في أيام حياته صلى الله عليه وسلم .

وقوله : { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } أي : فنذيقهم العذاب الشديد في الآخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

ثم أنس تعالى نبيه ووعده بقوله : { فاصبر إن وعد الله حق } أي في نصرك وإظهار أمرك ، فإن ذلك أمر إما أن ترى بعضه في حياتك فتقر عينك به ، وإما أن تموت قبل ذلك فإلى أمرنا وتعذيبنا يصيرون ويرجعون .

وقرأ الجمهور : «يُرجعون » بضم الياء . وقرأ أبو عبد الرحمن ويعقوب «يَرجعون » بفتح الياء . وقرأ طلحة بن مصرف ويعقوب في رواية الوليد بن حسان : بفتح التاء منقوطة من فوق .