التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

ثم ذكر الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم الوصية بالصبر فقال : { فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

وقوله : { فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ } أصله : فإن نُرِك ، فزيدت " ما " لتوكيد " إن " الشرطية ، وجوابها محذوف ، وقوله { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } جوابه { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

والمعنى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك يا محمد ، فاصبر على جدالهم بالباطل ، إن وعد الله - تعالى - بتعذيبهم وبنصرك عليهم حق .

فإن نرك بعض الذى نعدهم به من القتل والأسر والهزيمة فبها ونعمت ، أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا مرجعهم يوم القيامة ، فنجازيهم بما يستحقون من عقاب .

فالآية الكريمة تأمر النبى صلى الله عليه وسلم بمداومة الصبر ، وتحض على تبليغ ما أنزل إليه من ربه بدون كلل أو ملل ، ثم بعد ذلك يترك النتائج لله - تعالى - يسيرها كيف يشاء ، فإما أن يطلعه على ما توعد به أعداءه ، وإما أن يتوفاه قبل ذلك .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب }