معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

قوله تعالى : { وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } قرأ أهل المدينة والشام ، و يعقوب : ( ( ذرياتهم ) ) بجمع ، وقرأ الآخرون : ( ( ذريتهم ) ) على التوحيد ، فمن جمع كسر التاء ، ومن لم يجمع نصبها ، والمراد بالذرية : الآباء والأجداد ، واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد ، { في الفلك المشحون } أي : المملوء ، وأراد سفينة نوح عليه السلام ، وهؤلاء من نسل من حمل مع نوح ، وكانوا في أصلابهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

ثم ذكر - سبحانه - نوعا آخر من الغم التى امتن بها على عبادهن فقال : { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفلك المشحون } .

وللمفسرين فى تفسير هذه الآية أقوال منها : أن الضمير فى " لهم " يعود إلى أهل مكة ، والمراد بذريتهم : أولادهم صغارا وكبارا ، والمراد بالفلك المشحون : جنس السفن .

فيكون المعنى : ومن العلامات الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، أننا حملنا - بفضلنا ورحمتنا - أولادهم صغارا وكبارا فى السفن المملوءة بما ينفعهم دون أن يصيبهم أذى ، وسخرنا لهم هذه السفن لينتقلوا فيها من مكان إلى آخر .

ويرى بعضهم أن الضمير فى " لهم " يعود إلى الناس عامة ، والمراد بذريتهم آباؤهم الأقدمون ، والمراد بذريتهم آباؤهم الأقدمون ، والمراد بالفلك المشحون : سفينة نوح - عليه السلام - التى أنجاه الله - تعالى - فيها بمن معه من المؤمنين ، الذين لم يبق على وجه الأرض من ذرية آدم غيرهم .

فيكون المعنى : وعلامة دليل واضح للناس جميعا على قدرتنا ، أننا حملنا - بفضلنا ورحمتنا - آباءهم الأقدمين الذين آمنوا بنوح - عليه السلام - فى السفينة التى أمرناه بصنعها ، والتى كانت مليئة ومشحونة ، بما ينتفعون به فى حياتهم .

قال الجمل : وإطلاق الذرية على الأصول صحيح ، فإن لفظ الذرية مشترك بين الضدين ، الأصول والفروع ؛ لأن الذرية من الذرء بمعنى الخلق .

والفروع مخلوقون من الأصول ، والأصول خلقت منها الفروع . فاسم الذرية يعق على الآباء كما يقع على الأولاد .

وهذا الرأى الثانى قد اختاره الإِمام ابن كثير ولم يذكر سواه ، فقد قال رحمه الله : يقول - تعالى - : ودلالة لهم - أيضا - على قدرته - تعالى - تسخيره البحر ليحمل السفن ، فمن ذلك - بل أوله - سفينة نوح التى أنجاه الله فيها بمن معه من المؤمنين ، ولهذا قال : { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } أى : آباءهم .

{ فِي الفلك المشحون } أى : فى السفينة المملوءة بالأمتعة والحيوانات ، التى أمره الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

30

( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ، وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ، وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ، إلا رحمة منا ومتاعاً إلى حين ) . .

إن في السياق مناسبة لطيفة بين النجوم والكواكب السابحة في أفلاكها ، والفلك المشحون السابح في الماء يحمل ذرية بني آدم ! مناسبة في الشكل ، ومناسبة في الحركة ، ومناسبة في تسخير هذا وذلك بأمر الله ، وحفظه بقدرته في السماوات والأرض سواء .

وهذه آية كتلك يراها العباد ولا يتدبرونها . بل هذه أقرب إليهم وأيسر تدبراً لو فتحوا قلوبهم للآيات .

ولعل الفلك المشحون المذكور هنا هو فلك نوح أبي البشر الثاني ؛ الذي حمل فيه ذرية آدم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

يقول تعالى : ودلالة لهم أيضًا على قدرته تعالى : تسخيره البحر ليحمل{[24758]} السفن ، فمن ذلك - بل أوله - سفينة نوح ، عليه السلام ، التي أنجاه الله تعالى فيها بمن معه من المؤمنين ، الذين لم يبق على وجه الأرض من ذرية آدم غيرهم ؛ ولهذا قال : { وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } أي : آباءهم ، { فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } أي : في السفينة [ الموقرة ]{[24759]} المملوءة من الأمتعة والحيوانات ، التي أمره الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين .

قال ابن عباس : المشحون : المُوقَر . وكذا قال سعيد بن جبير ، والشعبي ، وقتادة ، [ والضحاك ] {[24760]} والسدي .

وقال الضحاك ، وقتادة ، وابن زيد : وهي سفينة نوح ، عليه السلام .


[24758]:- في أ : "ليحمل فيه".
[24759]:- زيادة من ت، أ.
[24760]:- زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } أولادهم الذين يبعثونهم إلى تجارتهم ، أو صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم ، فإن الذرية تقع عليهن لأنهن مزارعها . وتخصيصهم لان استقرارهم في السفن أشق وتماسكهم فيها أعجب ، وقرأ نافع وابن عامر { ذرياتهم } . { في الفلك المشحون } المملوء ، وقيل المراد فلك نوح عليه الصلاة والسلام ، وحمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم ، وتخصيص الذرية لأنه أبلغ في الامتنان وأدخل في التعجب مع الإيجاز .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ آية } معناه علامة ودليل ، ورفعها بالابتداء وخبره في قوله { لهم } ، و { أنا } بدل من { آية } وفيه نظر ، ويجوز أن تكون «أن » مفسرة لا موضع لها من الإعراب ، والحمل منع الشيء أن يذهب سفلاً ، وذكر الذرية لضعفهم عن السفر فالنعمة فيهم أمكن ، وقرأ نافع وابن عامر والأعمش «ذرياتهم » بالجمع ، وقرأ الباقون «ذريتهم » بالإفراد ، وهي قراءة طليحة وعيسى ، والضمير المتصل بالذريات هو ضمير الجنس ، كأنه قال ذريات جنسهم أو نوعهم هذا أصح ما اتجه في هذا ، وخلط بعض الناس في هذا حتى قالوا الذرية تقع على الآباء وهذا لا يعرف لغة ، وأما معنى الآية فيحتمل تأويلين : أحدهما قاله ابن عباس وجماعة ، وهو أن يريد ب «الذريات المحمولين » أصحاب نوح في السفينة ، ويريد بقوله { من مثله } السفن الموجودة في جنس بني آدم إلى يوم القيامة ، وإياها أراد الله تعالى بقوله { وإن نشأ نغرقهم } ، والتأويل الثاني قاله مجاهد والسدي وروي عن ابن عباس أيضاً هو أن يريد بقوله { أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون } السفن الموجودة في بني آدم إلى يوم القيامة .

ويريد بقوله { وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } الإبل وسائر ما يركب فتكون المماثلة في أنه مركوب مبلغ إلى الأقطار فقط ، ويعود قوله { وإن نشأ نغرقهم } على السفن الموجودة في الناس ، وأما من خلط القولين فجعل الذرية في الفلك في قوم نوح في سفينة وجعل { من مثله } في الإبل فإن هذا نظر فاسد يقطع به قوله تعالى : { وإن نشأ نغرقهم } فتأمله ، و { الفلك } جمع على وزنه هو الإفراد معناه الموفر ، و { من } في قوله { من مثله } ، يتجه على أحد التأويلين : أن تكون للتبعيض ، وعلى التأويل الآخر أن تكون لبيان الجنس فانظره ، ويقال الإبل مراكب البر .