محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } .

{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } أي حملنا أولادهم الذين يرسلونهم / في تجارتهم . قال الشهاب : ولا يخفى مناسبته لقوله قبله { في فلك يسبحون } وذكر { المشحون } أقوى بالامتنان بسلامتهم فيه ، أو لأنه أبعد عن الخطر ، وقيل المراد فلك نوح عليه السلام . فهو مفرد ، وتعريفه للعهد . والمعنى حمل آبائهم الأقدمين الذين بهم حفظ بقاء النوع لما عمّ الطوفان ، ونجوا مع نوح في السفينة . وإنما كان آية ، لأن بقاء نسلهم ونجاتهم بسفينة واحدة ، صنع عجيب ومقدور كبير . وآثر البعض الوجه الأول ، لأن الثاني محتاج للتأويل . وأرى جدارة الثاني بالإيثار لقاعدة الحمل على الأشباه والنظائر ، ما وجد له سبيل . لأنه أقرب وأسدّ . وقد جاء نظره آية{[6329]} { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية } وإن ورد في نظير الأول آية {[6330]} { وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام } وأشباهها ، إلا أن لفظ الحمل اتحد في الآيتين ، فقارب ما بينهما .


[6329]:[69/الحاقة/11، 12].
[6330]:[55/الرحمن/24].