والظاهر من الذرية أنه يراد به الأبناء ومن نشأ منهم .
وقيل : ينطلق على الآباء وعلى الأبناء ، قاله أبو عثمان .
وقال ابن عطية : هذا تخليط ، ولا يعرف هذا في اللغة . انتهى .
وتقدّم الكلام في الذرية في آل عمران .
والظاهر أن الضمير في لهم وفي ذرياتهم عائد على شيء واحد ، فالمعنى أنه تعالى حمل ذريات هؤلاء ، وهم آباؤهم الأقدمون ، في سفينة نوح عليه السلام ، قاله ابن عباس وجماعة .
ومن مثله : للسفن الموجودة في جنس بني آدم إلى يوم القيامة أو أريد بقوله : ذرياتهم ، حذف مضاف ، أي ذريات جنسهم ، وأريد بالذرية من لا يطيق المشي والركوب من الذرية والضعفاء .
فالفلك اسم جنس من عليهم بذلك ، وكون الفلك مراداً به الجنس ، قاله ابن عباس أيضاً ومجاهد والسدّي ، ومن مثله : الإبل وسائر ما يركب .
وقيل : الضميران مختلفان ، أي ذرية القرون الماضية ، قاله عليّ بن سليمان ، وكان آية لهؤلاء ، إذ هم نسل تلك الذرية .
وقيل : الذرية : النطف ، والفلك المشحون : بطون النساء ، ذكره الماوردي ، ونسب إلى عليّ بن أبي طالب ، وهذا لا يصح ، لأنه من نوع تفسير الباطنية وغلاة المتصوفة الذين يفسرون كتاب الله على شيء لا يدل عليه اللفظ بجهة من جهات الدلالة ، يحرفون الكلم عن مواضعة .
وقرأ نافع ، وابن عامر ، والأعمش ، وزيد بن عليّ ، وأبان بن عثمان : ذرياتهم بالجمع ؛ وكسر زيد وأبان الذال ؛ وباقي السبعة ، وطلحة ، وعيسى : بالإفراد .
وقال الزمخشري : ذريتهم : أولادهم ومن يهمهم حمله .
وقيل : اسم الذرية يقع على النساء ، لأنهن مزراعها .
وفي الحديث : «أنه نهى عن قتل الذراري » ، يعني النساء .
ومعنى حمل الله ذرياتهم فيها : أنه حمل فيها آباؤهم الأقدمون ، وفي أصلابهم هم وذرياتهم .
وإنما ذكر ذرياتهم دونهم ، لأنه أبلغ في الامتنان عليهم ، وأدخل في التعجب من قدرته في حمل أعقابهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح .
وقال أبو عبد الله الرازي : إنما خص الذريات بالذكر ، لأن الموجودين كانوا كفاراً لا فائدة في وجودهم ، أي لم يكن الحمل حملاً لهم ، وإنما كان حملاً لما في أصلابهم من المؤمنين .
وقال أيضاً : الضمير في وآية لهم عائد على العباد في قوله : { يا حسرة على العباد } ثم قال بعد { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها } ، { وآية لهم الليل } ، { وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } : ذريات العباد ، ولا يلزم أن يكون الضمير في الموضعين لمعنيين ، فهو كقوله :
{ لا تقتلوا أنفسكم } إنما يريد : لا يقتل بعضكم بعضاً ، فذلك هذا .
{ وآية لهم } : أي آية كل بعض منهم ، { أنا حملنا } ذرية كل بعض منهم ، أو ذرية بعض منهم . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.