غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

1

ولما بين ما هو كالضروري لوجود الإنسان من المكان والزمان وما يتبعه ويسبقه ، شرع في تقرير ما هو نافع لهم في أحوال المعاش . قال بعض المفسرين : أراد بحمل الذرية حمل آبائهم وهم في أصلابهم . والفلك فلك نوح ومثله هو ما يركبون الآن عليه من السفن والزوارق . قال جار الله : وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم وأدخل في التعجب من قدرته في حمل أعقابهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح ، ولولا ذلك لما بقي للآدمي نسل . ومن فوائد ذكر الذرية أن من الناس من لا يركب السفينة طول عمره ولكنه في ذريته من يركبها غالباً . وذهب آخرون إلى أن المراد حمل أولادهم ومن يهمهم حمله كالنساء . وقد يقع اسم الذرية عليهن لأنهن مزارع الأولاد في الحديث " إنه نهى عن قتل الذراري " يعني النساء فكأنه قيل : إن كنا ما حملناكم بأنفسكم فقد حملنا من يهمكم أمره وعلى هذا يكون قوله :{ وخلقنا لهم } إلى آخره اعتراضاً ، ومثل الفلك ما يركبون من الإبل لأنها سفائن البر . وفي وصف الفلك بالمشحون مزيد تقرير للقدرة والنعمة فإن الفلك إذا كان خالياً كان خفيفاً لا يرسب في الماء بالطبع . .

/خ44