معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

قوله تعالى : { قل يتوفاكم } يقبض أرواحكم ، { ملك الموت الذي وكل بكم } أي : وكل يقبض أرواحكم وهو عزرائيل ، والتوفي استيفاء العدد المضروب للخلق في الأزل معناه أنه يقبض أرواحهم حتى لا يبقى أحد من العدد الذي كتب عليه الموت . وروي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخذ منها صاحبها ما أحب من غير مشقة ، فهو يقبض أنفس الخلق في مشارق الأرض ومغاربها ، وله أعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب . فملائكة الرحمة للمؤمنين ، وملائكة العذاب للكافرين ، وقال ابن عباس : إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب . وقال مجاهد : جعلت له الأرض مثل طست يتناول منها حيث يشاء . وفي بعض الأخبار : أن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض فينزع أعوانه روح الإنسان فإذا بلغ ثغره نحره فقبضه ملك الموت . وروى خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال : إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب ، وهو يتصفح وجوه الناس ، فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم مرتين ، فإذا رأى إنساناً قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة ، وقال : الآن تنزل بك سكرات الموت . قوله : { ثم إلى ربكم ترجعون } أي : تصيرون إليه أحياءً فيجزيكم بأعمالكم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أن مردهم إليه لا محالة بعد أن يقبض ملك الموت أرواحهم فقال : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت الذي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } .

وقوله { يَتَوَفَّاكُم } من التوفى . وأصله أخذ الشئ وافيا تاما . يقال : توفاه الله ، أى : استوفى روحه وقبضها ، وتوفيت مالى بمعنى استوفيته والمراد بملك الموت : عزرائيل .

أى : قل - أيها الرسول الكريم - فى الرد على هؤلاء الجاحدين : سيتولى قبض أرواحكم عند انتهاء آجالكم ملك الموت الذى كلفه الله - تعالى - بذلك ثم إلى ربكم ترجعون ، فيجازيكم بما تستحقونه من عقاب ، بسبب كفرهم وجحودكم .

وأسند - سبحانه - هنا التوفى إلأى ملك الموت ، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح . وأسنده إلى الملائكة فى قوله - تعالى - { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة } لأنهم أعوان ملك الموت الذين كلفهم الله بذلك .

وأسنده - سبحانه - إلى ذاته فى قوله : { الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا } لأن كل شئ كائنا ما كان ، لا يكون إلا بقضائه وقدره .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

لذلك يرد على اعتراضهم بتقرير وفاتهم ورجعتهم ، مكتفيا بالبرهان الحي الماثل في نشأتهم الأولى ولا زيادة :

( قل : يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ، ثم إلى ربكم ترجعون ) . .

هكذا في صورة الخبر اليقين . . فأما ملك الموت من هو ? وكيف يتوفى الأنفس فهذا من غيب الله ، الذي نتلقى خبره من هذا المصدر الوثيق الأكيد . ولا زيادة على ما نتلقاه من هذا المصدر الوحيد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله: يتوفاكم ملك الموت، يقول: يستوفي عددكم بقبض أرواحكم ملك الموت الذي وكل بقبض أرواحكم...

"ثُمّ إلى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ" يقول: من بعد قبض ملك الموت أرواحكم إلى ربكم يوم القيامة تردّون أحياء كهيئتكم قبل وفاتكم، فيجازى المحسن منكم بإحسانه، والمُسيء بإساءته.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

أي يقبض أرواحكم، والتوفي: أخذ الشيء على تمام، مأخوذ من توفية العدد، ومنه قولهم استوفيت دَيْني من فلان.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فلما ذكر كفرهم بالإنشاء. أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في الكفر، وهو أنهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة، لا بالإنشاء وحده: ألا ترى كيف خوطبوا بتوفي ملك الموت وبالرجوع إلى ربهم بعد ذلك مبعوثين للحساب والجزاء، وهذا معنى لقاء الله على ما ذكرنا والتوفي: استيفاء النفس وهي الروح. قال الله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس} [الزمر: 42] وقال: أخرجوا أنفسكم، وهو أن يقبض كلها لا يترك منها شيء.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{الذي وكل بكم} إشارة إلى أنه لا يغفل عنكم وإذا جاء أجلكم لا يؤخركم إذ لا شغل له إلا هذا.

{يتوفاكم ملك الموت} ينبئ عن بقاء الأرواح فإن التوفي الاستيفاء والقبض هو الأخذ والإعدام المحض ليس بأخذ.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر استبعادهم، وأتبعه عنادهم، وكان إنكارهم إنما هو بسبب اختلاط الأجزاء بالتراب بعد انقلابها تراباً، فكان عندهم من المحال تمييزها من بقية التراب. دل على أن ذلك عليه هين بأن نبههم على ما هم مقرّون به مما هو مثل ذلك بل أدق. فقال مستأنفاً: {قل} أي جواباً لهم عن شبهتهم: {يتوفاكم} أي يقبض أرواحكم كاملة من أجسادكم بعد أن كانت مختلطة بجميع أجزاء البدن، لا تميز لأحدهما عن الآخر بوجه تعرفونه بنوع حيلة {ملك الموت} ثم أشار إلى أن فعله بقدرته، وأن ذلك عليه في غاية السهولة، ببناء الفعل لما لم يسم فاعله فقال: {الذي وكل بكم} أي وكله الخالق لكم بذلك، وهو عبد من عبيده، ففعل ما أمر به، فإذا البدن ملقى لا روح في شيء منه وهو على حاله كاملاً لا نقص في شيء منه يدعي الخلل بسببه، فإذا كان هذا فعل عبد من عبيده صرفه في ذلك فقام به على ما ترونه مع أن ممازجة الروح للبدن أشد من ممازجة تراب البدن لبقية التراب لأنه ربما يستدل بعض الحذاق على بعض ذلك بنوع دليل من شم ونحوه، فكيف يستبعد شيء من الأشياء على رب العالمين، ومدير الخلائق أجمعين؟.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{يتوفاكم مَّلَكُ الموت} لا كما تزعمون أنَّ الموتَ من الأحوالِ الطَّبيعيةِ العارضةِ للحيوانِ بموجبِ الجبلَّةِ.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هكذا في صورة الخبر اليقين.. فأما ملك الموت من هو؟ وكيف يتوفى الأنفس فهذا من غيب الله، الذي نتلقى خبره من هذا المصدر الوثيق الأكيد. ولا زيادة على ما نتلقاه من هذا المصدر الوحيد.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

فالمقصود من الجملة هو قوله {ثم إلى ربكم ترجعون} إذ هو مناط إنكارهم، وأما إنهم يتوفّاهم ملك الموت فذكره لتذكيرهم بالموت وهم لا ينكرون ذلك ولكنهم ألهتهم الحياة الدنيا عن النظر في إمكان البعث والاستعداد له فذكروا به ثم أدمج فيه ذكر ملك الموت لزيادة التخويف من الموت والتعريض بالوعيد.