تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

والآية 11 وقوله تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } هذا الحرف في الظاهر ليس هو بصلة للأول لأنه إنما يقال عن سؤال سابق في توفي الخلق وقبض أرواحهم : من( {[16389]} ) ؟ فيقال عند ذلك { يتوفاكم ملك الموت الذي } .

وجائز أن يكون على الصلة بالأول لأنهم أنكروا البعث وإحياء آبائهم من التراب لما لا يرون لله القدرة على ذلك . فيذكر أنه مكّن ، وأقدر عبدا من عبيده على قبض أرواح جميع الخلائق من المشرق إلى المغرب من غير أن يعلمه أحد أنه كيف يقبض ؟ وكيف يمكن له ذلك . فيخبر أن من قدر على هذا إلا يقدر على إحياء /421-أ/ الخلق بعد ما صاروا ترابا ورمادا ؟ بل قادر على ما يشاء ، وكيف شاء ، ومتى شاء ، لا يعجزه شيء ، ولا يخفى عليه شيء .

ثم قوله : { يتوفاكم } يحتمل من يتوفى العد ، أي يجعلهم وفاء لعدها كقوله : { فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا }[ مريم : 84 ] وجائز أن يكون التوفي من الاستيفاء ووفاء التمام ، أي يستوفي الروح كله ، فلا يبقى في الجسد منه شيء .

ثم في الآية دلالة خلق أفعال لأنه أخبر أن ملك الموت يتوفاهم ، ويميتهم ، وقد أخبر أنه خلق الموت والحياة . فدل أن جميع ما يفعل العباد ، هو خلق الله .

وقال القتبي : صللنا : أي بطلنا ، وصرنا ترابا . وقال غيره : هلكنا .

وقال أبو عوسجة : { ضللنا } بالضاد إذا صرنا في القبور ، وبلينا فيها . ويقال : ضللنا بالكسر من الضلال ، ويقال : ضللت عن( {[16390]} ) كذا ، إذا لم يدر أين هو( {[16391]} ) ، ويقال : صللنا بالصاد( {[16392]} ) ، وهو من صل اللحم ، أي أنتن .

وقوله تعالى : { يعرج إليه } أي يصعد في قول القتبي وأبي عوسجة . ويعرّج أي يحبس . و{ نسله } أي ولده . وقالا : السلالة الخالص من كل شيء .


[16389]:أدرج قبلها في الأصل وم: إنه.
[16390]:في الأصل وم: شيء.
[16391]:في الأصل وم: ذهب.
[16392]:انظر معجم القراءات القرآنية ج 5/99.