فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞قُلۡ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ} (11)

{ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون11 }

رد الله تعالى عليهم إنكارهم وأبطله ، فالحق أن الله تعالى وكل من ملائكته الكرام- عليهم السلام- من يقبض روح الخلائق {[3506]} إذا جاء أجلها ، و { يتوفاكم } يستوفي نفوسكم لا يترك فيها شيئا ، ولا يبقي على أحد منكم ، ونسبة التوفي إلى ملك الموت باعتبار أنه- عليه السلام- يباشر قبض الأنفس بأمره عز وجل ، { ثم إلى ربكم ترجعون } بالنشور ، والخروج من القبور ، والسوق إلى ساحة العرض والحساب ، والفصل والجزاء والثواب ، وكيف تستبعدون قدرة الله على جمع رفاتكم من التراب ، وأنتم تشاهدون ملك الموت يستخرج الأرواح من الأشباح ، وهي سارية في كل جنباتها ، منبثة في شتى أجزائها ؟ ! أليس الذي أقدر ملكا من ملائكته على هذا يملك أن يعيدكم وإن تمزقت جلودكم ، وتفرقت لحومكم ، وبليت عظامكم ؟ بلى إنه بكل شيء بصير ، وعلى كل أمر قدير .


[3506]:مما أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار يعوده، فإذا ملك الموت- عليه السلام- عند رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن" فقال: أبشر يا محمد، فإني بكل مؤمن رفيق.... وما خلق الله تعالى من أهل بيت ولا مدر ولا شعر ولا وبر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم وليلة خمس مرات حتى إني لأعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، والله يا محمد إني لا أقدر أقبض روح بعوضة حتى يكون الله تبارك وتعالى الذي يأمر بقبضه.