معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

قوله تعالى : { ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء } الخروج من الوطن ، { لعذبهم في الدنيا } بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة . { ولهم في الآخرة عذاب النار } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

ثم بين - سبحانه - جانبا من حكمته فى إخراجهم فقال : { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ الله عَلَيْهِمُ الجلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدنيا وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابُ النار } .

ولفظ " لولا " هنا حرف امتناع لوجود أى : امتنع وجود جوابها لوجود شرطها . . . و " أن " مصدرية ، وهى مع ما فى حيزها فى محل رفع على الابتداء . لأن لولا الامتناعية لا يليها إلا لمبتدأ ، والخبر محذوف .

والجلاء : الإخراج . يقال : جلا فلان عن مكان كذا ، إذا خرج منه . وأجلاه عنه غيره ، إذا أخرجه عنه . قال القرطبى : والجلاء مفارقة الوطن ، يقال جلا بنفسه جلاء ، وأجلاه غيره إجلاء ، والفرق بين الجلاء والإخراج - وإن كان معناهما فى الإبعاد واحدا - من وجهين :

أحدهما : أن الجلاء ما كان مع الأهل والولد ، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد .

الثانى : أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة ، والإخراج يكون لواحد ولجماعة . . .

أي : ولولا أن الله - تعالى - قد قدر على هؤلاء اليهود ، الجلاء عن ديارهم ، لولا أن ذلك موجود ، لعذبهم فى الدنيا عذابا شديدا ، استأصل معه شأفتهم .

ولكن الله - تعالى - كتب عليهم الجلاء دون القتل والإهلاك لمصلحة اقتضتها حكمته ، لعل من مظاهرها أن يغننم المسلمون ديارهم وأموالهم ، دون أن تراق دماء من الفريقين ، ودون أن يعرض المؤمنون أنفسهم لمخاطر القتال .

وجملة " ولهم فى الآخرة عذاب النار " مستأنفة ، أي : أن هؤلاء اليهود أن نجوا من القتل والإهلاك فى الدنيا ، فلن ينجوا فى الآخرة من العذاب الذى يذلهم ويهينهم ، بل سيحل بهم عذاب مقيم ، لافكاك لهم منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

والآية التالية تقرر أن إرادة الله في النكاية بهم ما كانت لتعفيهم بأية حالة من نكال يصيبهم في الدنيا غير ما ينتظرهم في الآخرة :

( ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب النار ) . .

فهو أمر مقرر أن ينالهم النكال من الله . بهذه الصورة التي وقعت أو بصورة أخرى . ولولا أن اختار الله جلاءهم لعذبهم عذابا آخر . غير عذاب النار الذي ينتظرهم هناك . فقد استحقوا عذاب الله في صورة من صوره على كل حال !