اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

وقوله تعالى : { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ الله عَلَيْهِمُ الجلاء } .

العامة : على مده وهو الإخراج .

يقال : أجليت القوم ، وجلا هو جلاء .

وقال الماوردي{[55852]} : الجلاء أخصّ من الخروج ؛ لأنه لا يقال إلا لجماعة ، والإخراج يكون للجماعة والواحد .

وقال غيره : الفَرْق بينهما أن الجلاء كان مع الأهل والولد ، بخلاف الإخراج فإنه لا يستلزم ذلك .

وقرأ الحسن{[55853]} وعلي ابنا صالح : «الجَلاَ » بألف فقط .

وطلحة{[55854]} : مهموزاً من غير ألف ك «النبأ » .

والمعنى{[55855]} : أنه لولا أنه قضى أنه سيجليهم عن ديارهم ، وأنه يبقون مدة ، فيؤمن بعضهم ويولد لهم من يؤمن { لَعَذَّبَهُمْ فِي الدنيا } أي : بالقتل كما فعل بإخوانهم «بني قريظة » ، والجلاء مفارقة الوطن يقال : جلا بنفسه جلاء ، وأجلاه غيره إجلاء .

وأما قوله : { وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابُ النار } ، فهو كلام مبتدأ غير معطوف على ما قبله ، إذ لو كان معطوفاً على ما قبله لزم ألا يوجد ؛ لأن «لولا » تقتضي انتفاء الجزاء لحصول الشرط{[55856]} .


[55852]:ينظر: النكت والعيون 5/501، والبحر المحيط 8/243.
[55853]:ينظر: البحر المحيط 8/243، والدر المصون 6/293.
[55854]:السابق.
[55855]:ينظر: القرطبي 18/6.
[55856]:ينظر: الفخر الرازي 29/246.