السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

{ ولولا أن كتب الله } أي : فرض فرضاً حتماً الملك الذي له الأمر كله { عليهم الجلاء } أي : الخروج من ديارهم والجولان في الأرض . فأمّا معظمهم فأجلاهم بختنصر من بلاد الشام إلى العراق ، وأمّا هؤلاء فحماهم الله تعالى بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك الجلاء ، وجعله على يده صلى الله عليه وسلم فأجلاهم ، فذهب بعضهم إلى خيبر ، وبعضهم إلى الشام مرة بعد مرة .

تنبيه : : قال الماوردي : الجلاء أخص من الخروج ، لأنه لا يقال إلا للجماعة ، والإخراج يكون للجماعة والواحد . وقال غيره : الفرق بينهما أنّ الجلاء ما كان مع الأهل والولد ، بخلاف الإخراج فإنه لا يستلزم ذلك { لعذبهم } أي : بالقتل والسبي { في الدنيا } كما فعل بقريظة من اليهود { ولهم } أي : على كل حال أجلوا أو تركوا { في الآخرة } التي هي دار البقاء { عذاب النار } وهو العذاب الأكبر .