مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَوۡلَآ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡجَلَآءَ لَعَذَّبَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ} (3)

قوله تعالى : { ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار } معنى الجلاء في اللغة ، الخروج من الوطن والتحول عنه ، فإن قيل : أن { لولا } تفيد انتفاء الشيء لثبوت غيره فيلزم من ثبوت الجلاء عدم التعذيب في الدنيا ، لكن الجلاء نوع من أنواع التعذيب ، فإذا يلزم من ثبوت الجلاء عدمه وهو محال ، قلنا معناه : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا بالقتل كما فعل بإخوانهم بني قريظة ، وأما قوله : { ولهم في الآخرة عذاب النار } فهو كلام مبتدأ وغير معطوف على ما قبله ، إذ لو كان معطوفا على ما قبله لزم أن لا يوجد لما بينا ، أن لولا تقتضي انتفاء الجزاء لحصول الشرط .