ولما كان قولهم أنهم أولياء الله وأحباؤه في غاية البعد من هذا المثل ، استأنف ما يدل على صحة المثل قطعاً ، فقال معرضاً عنهم آمراً لمن كذبوه{[65291]} بتبكيتهم : { قل } أي يا أيها الرسول الذي{[65292]} هم قاطعون بأنه رسوله الله : { يا أيها الذين هادوا } أي تدينوا باليهودية . ولما كان الحق يصدع من له أدنى مسكة ، فكانوا جديرين بالرجوع عن العناد ، عبر بأداة الشك فقال : { إن زعمتم } أي قلتم قولاً هو معرض للتكذيب ولذلك أكدتموه { أنكم أولياء الله } أي الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه ، خصكم بذلك خصوصية مبتدأة { من دون }{[65293]} أي أدنى رتبة من رتب { الناس } فلم تتعد الولاية تلك الرتبة الدنيا إلى أحد منكم غيركم ، بل خصكم بذلك عن كل من فيه أهلية الحركة لا سيما الأميين{[65294]} { فتمنوا الموت } وأخبروا عن أنفسكم بذلك للقلة من دار البلاء إلى محل الكرامة والآلاء { إن كنتم } أي كوناً راسخاً { صادقين * } أي عريقين عند أنفسكم {[65295]}في الصدق{[65296]} فإن من علامات المحبة الاشتياق إلى المحبوب ، ومن التطوع به أن من كان في كدر وكان له ولي قد وعده عند الوصول إليه الراحة التي لا يشوبها ضرر أنه يتمنى النقلة إلى وليه ، روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم " والذي نفسي بيده لا يقولها منكم أحد إلا غص بريقه " فلم يقلها {[65297]}أحد منهم{[65298]} علماً منهم بمصدقه صلى الله عليه وسلم فلم يقولوا ولم يؤمنوا عناداً منهم .
قوله : { قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } الذين هادوا أي تهودوا وهم اليهود . فقد كانوا يفاخرون الناس بأنهم أولياء الله وأحباؤه . وذلك ضرب من الاغترار الموهوم والتباهي المضلل . فما ينبغي لأحد ذي عقل وإيمان سليمين أن يزعم أنه وليّ الله أو حبيبه .
وإنما ينبغي للمؤمن ذي العقيدة الصادقة الراسخة والعقل السليم أن يكون في غاية التواضع والتذليل لله ، والخوف من جلاله وهول بطشه وانتقامه . أما أن يزعم أنه ولي لله ، وقريب من جنابه فذلكم القول المصطنع الذي لا يهرف به غير واهم مأفون . ولئن زعم اليهود ذلك فقد تحداهم ربهم بقوله : { فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } يعني فتمنوا على الله أن يميتكم لتفضوا إلى دار الكرامة وهي الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين ، إن كنتم تصدقون فيما تزعمون بأنكم أحباء الله من دون الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.