نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (6)

ولما كان قولهم أنهم أولياء الله وأحباؤه في غاية البعد من هذا المثل ، استأنف ما يدل على صحة المثل قطعاً ، فقال معرضاً عنهم آمراً لمن كذبوه{[65291]} بتبكيتهم : { قل } أي يا أيها الرسول الذي{[65292]} هم قاطعون بأنه رسوله الله : { يا أيها الذين هادوا } أي تدينوا باليهودية . ولما كان الحق يصدع من له أدنى مسكة ، فكانوا جديرين بالرجوع عن العناد ، عبر بأداة الشك فقال : { إن زعمتم } أي قلتم قولاً هو معرض للتكذيب ولذلك أكدتموه { أنكم أولياء الله } أي الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه ، خصكم بذلك خصوصية مبتدأة { من دون }{[65293]} أي أدنى رتبة من رتب { الناس } فلم تتعد الولاية تلك الرتبة الدنيا إلى أحد منكم غيركم ، بل خصكم بذلك عن كل من فيه أهلية الحركة لا سيما الأميين{[65294]} { فتمنوا الموت } وأخبروا عن أنفسكم بذلك للقلة من دار البلاء إلى محل الكرامة والآلاء { إن كنتم } أي كوناً راسخاً { صادقين * } أي عريقين عند أنفسكم {[65295]}في الصدق{[65296]} فإن من علامات المحبة الاشتياق إلى المحبوب ، ومن التطوع به أن من كان في كدر وكان له ولي قد وعده عند الوصول إليه الراحة التي لا يشوبها ضرر أنه يتمنى النقلة إلى وليه ، روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم " والذي نفسي بيده لا يقولها منكم أحد إلا غص بريقه " فلم يقلها {[65297]}أحد منهم{[65298]} علماً منهم بمصدقه صلى الله عليه وسلم فلم يقولوا ولم يؤمنوا عناداً منهم .


[65291]:- من ظ وم، وفي الأصل: يكذبونه.
[65292]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذين.
[65293]:- زيد في الأصل: الناس، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65294]:- من م، وفي الأصل وظ: الآدميين.
[65295]:- من م، وفي الأصل وظ: الصدق.
[65296]:- من م، وفي الأصل وظ: الصدق.
[65297]:- في ظ وم: منهم أحد.
[65298]:- في ظ وم: منهم أحد.