تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (6)

قوله تعالى :{ قل يا أيها الذين هادوا } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود المدينة يدعوهم إلى الإسلام ، فكتب يهود المدينة إلى يهود خيبر أن محمدا يزعم أنه نبي ، وأنه يدعونا وإياكم إلى دينه ، فإن كنتم تريدون متابعته فاكتبوا إلينا ببيان ذلك ، وإلا فأنتم ونحن على أمر واحد لا نؤمن بمحمد ، ولا نتبعه ، فغضبت يهود خيبر ، فكتبوا إلى يهود المدينة كتابا قبيحا ، وكتبوا أن إبراهيم كان صديقا نبيا ، وكان من بعد إبراهيم إسحاق صديقا نبيا ، وكان من بعد إسحاق يعقوب صديقا نبيا ، وولد يعقوب اثنا عشر ، فولد لكل رجل منهم أمة من الناس ، ثم كان من بعدهم موسى ، ومن بعد موسى عزيز ، فكان موسى يقرأ التوراة من الألواح .

وكان عزيز يقرؤها ظاهرا ، ولولا أنه كان ولدا لله ونبيه وصفيه لم يعطه ذلك ، فنحن وأنتم سبطه ، وسبط من اتخذه الله خليلا ، ومن سبط من كلمه الله تكليما ، فنحن أحق بالنبوة والرسالة من محمد صلى الله عليه وسلم ، ومتى كان الأنبياء من جزائر العرب ؟ ما سمعنا بنبي قط كان من العرب إلا هذا الرجل الذي تزعمون ، على أنا نجد ذكره في التوراة فإن تبعتموه صغركم ووضعكمن فنحن أبناء الله وأحباؤه .

فقال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم :{ قل يا أيها الذين هادوا } لليهود { إن زعمتم } يعني إذ زعمتم { أنكم أولياء لله } في الآخرة { من دون الناس } وأحباؤه { فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } آية بأنكم أولياؤه وأحباؤه ، وأن الله ليس بمعذبكم ،