تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (6)

الآية : 6 وقوله تعالى : { قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } كقوله{[21220]} في موضع آخر : { قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين } [ البقرة : 94 ] .

فكان في هذا بيان أن من كان من أوليائه فله الدار الآخرة عند الله خالصة ، ومن كانت له الدار الآخرة فهو من أوليائه . ويجوز أن يكون ما لهما جميعا ، والله أعلم .

ثم المباهلة في المتعارف إنما هي المحاجة في بلوغ العناد والتمرد غايته ؛ فكأنه لما قررت عندهم جميع الحجج ، فلم يقبلوها ، أمره بالمباهلة ، فلم{[21221]} يباهله اليهود والنصارى ، لأنه يجوز أن قد كانت{[21222]} في كتابهم هذا ، وإن{[21223]} المباهلة من غاية المحادة ، وإن من باهل نزل عليه العذاب واللغة إن لم يكن محقا . فكذلك امتنعوا من المباهلة .

وأما العرب من المشركين فلم يكن لهم كتاب يعرفون به حكم المباهلة ، فباهلوا ؛ وذلك أنه روي أن أبا جهل كان يقول : اللهم انصر أحبنا إليك وأقرانا للضيف وأوصلنا للرحم ، فنصر الله تعالى نبيه عليه السلام فأبو جهل باهله لأنه لم يكن له كتاب ، ولم يباهله اليهود والنصارى لما كانت لهم كتب عرفوا فيها حكم المباهلة ، والله أعلم .


[21220]:في الأصل وم: وقال.
[21221]:من م، في الأصل وم: فلا.
[21222]:في الأصل وم: كان.
[21223]:الواو ساقطة من الأصل وم.