السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوٓاْ إِن زَعَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ أَوۡلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (6)

ولما ادعت اليهود الفضيلة وقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه نزل قوله تعالى : { قل } أي : يا أشرف الرسل { يا أيها الذين هادوا } أي : تدينوا باليهودية { إن زعمتم } أي : قلتم قولاً هو معرض للتكذيب ، ولذلك أكذبتموه { إنكم أولياء لله } أي : الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه خصكم بذلك خصوصية مبتدأة { من دون } أي : أدنى رتبة من رتب { الناس } فلم تنفذ الولاية ، وتلك الرتبة في الدنيا إلى أحد منهم غيركم بل خصكم بذلك عن كل من فيه أهلية الحركة لاسيما الأميين { فتمنوا الموت } وأخبروا عن أنفسكم بذلك للنقلة من دار البلاء إلى محل الكرامة والآلاء { إن كنتم } أي : كوناً راسخاً { صادقين } أي : غريقين عند أنفسكم في الصدق ، فإن من علامات المحبة الاشتياق إلى المحبوب ، ومن المقطوع به أن من كان في كدر وكان له ولي قد وعده عند الوصول إليه الراحة التي لا يشوبها ضرر تمنى النقلة إلى وليه . روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم «والذي نفسي بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه فلم يقلها منهم أحد علماً منهم بصدقه صلى الله عليه وسلم فلم يقولوا ولم يؤمنوا عناداً منهم » .