أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۚ وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

{ يعلم ما يلج في الأرض } كالغيث ينفذ في موضع وينبع في آخر ، وكالكنوز والدفائن والأموات . { وما يخرج منها } كالحيوان والنبات والفلزات وماء العيون . { وما ينزل من السماء } كالملائكة والكتب والمقادير والأرزاق والأنداء والصواعق { وما يعرج فيها } كالملائكة وأعمال العباد والأبخرة والأدخنة . { وهو الرحيم الغفور } للمفرطين في شكر نعمته مع كثرتها ، أو في الآخرة مع ما له من سوابق هذه النعم الفائتة للحصر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۚ وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

و { يلج } معناه يدخل ، ومنه قول شاعر : [ الطويل ]

رأيت القوافي يتلجن موالجا . . . تضايق عنها أن تولجها الإبر{[9597]}

و { يعرج } معناه يصعد ، وهذه الرتب حصرت كلما يصح علمه من شخص أو قول أو معنى ، وقرأ أبو عبد الرحمن «وما يُنَزّل من السماء » بضم الياء وفتح النون وشد الزاي .


[9597]:البيت لطرفة بن العبد، وهو آخر ثلاثة أبيات قالها فيحادثة رواها ابن الأعرابي، قال: كان لطرفة أخ اسمه معبد، وكان لهما إبل يرعيانها يوما ويوما، فلما أغبها طرفة-أي ترك سقيها- قال له أخوه: لم لا تستريح في إبلك؟ ترى أنها لو أخذت تردها بشعرك هذا؟ قال: فإني لا أخرج فيها أبدا حتى تعلم أن شعري سيردها إن أخذت، فتركها وأخذها أناس في مضر، فادعى جوار عمرو، وقابوس، ورجل من اليمن يقال له: بشر بن قيس، فأنشد في ذلك: أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة لها سبب ترعى به الماء والشجر؟ وكان لها جاران، قابوس منهما وعمرو ولم أسترعها الشمس والقمر رأيت القوافي يتلجن موالجا تضيق عنها أن تولجها الإبر والبيت في(اللسان- ولج) غير منسوب، وفي(فرائد القلائد في شرح مختصر الشواهد) للعيني. والقوافي: جمع قافية، وأراد بها هنا القصائد؛ لأن القصيدة تشتمل على القافية، أو لأن القافية من أبرز خصائص القصيدة.و(يتلجن): يدخلن، وأصلها(يوتلجن)؛ لأنها من (ولج)، والموالج: جمع مولج، وهو موضع الولوج، والإبر: جمع إبرة، وهي آلة الخياطة، يقول طرفة: إن قصائد الشعر تبلغ من التأثير في النفوس مواضع بعيدة عميقة، لا تصل إليها أسنة الإبر إذا طعن بها المهجو، وكأنه يعني أن الإبر تصيب الأبدان، وأن القصائد تؤثر في النفوس، وجراحات النفوس أعمق وأبقى أثرا من جراحات الأبدان، "والقول ينفذ ما لا تنفذ الإبر".