فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۚ وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

{ يلج } يدخل ، ويستتر ، ويقال لما يستتر فيه : ولجة ، والجمع أولاج ، والوليجة : البطانة ، ودخيلة الأمر .

{ يعرج } يقيم ، أو يرقى ويصعد ، أو يرتفع ويعلو ، والعرج : غيبوبة الشمس .

{ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور2 }

ربنا المالك للسماوات والأرض وما فيهما ومن فيهما ، والخالق لكل ذلك ، والمدبر لكافة الأمور والمحمود أولى وعقبى ، يعلم علما محيطا بسائر ما برأ وذرأ ، وما خفي وما ظهر ، ومن جملة ذلك ما يدخل في الأرض ويستكن ويتوارى فيها ، وما يبرز أو يجتنى منها [ يعلم سبحانه ما يدخل في الأرض من المطر{ وما يخرج منها } من النبات ، قاله السدي . وقال الكلبي : ما يدخل فيها من الأموات ، وما يخرج منها من جواهر المعادن . والأولى التعميم في الموصولين ، فيشملان كل ما يلج في الأرض ولو بالوضع فيها ، وكل ما يخرج منها حتى الحيوان فإنه كله مخلوق من التراب ]{[3704]} ، ويعلم ما ينزل من السماء وما يقيم أو يرقى أو يصعد أو يرتفع إليها ويعلو فيها أو يغيب في طياتها وآفاقها- إذ من معاني العرج : غيبوبة الشمس- وهو سبحانه مع كامل ملكه ومحيط علمه ، واسعة رحمته ، عظيم غفرانه .

[ { يعلم ما يلج في الأرض ] أي يدخل فيها من المياه والحبات ، والكنوز والأموات{ وما يخرج منها } من الشجر والنبات ، ومياه الآبار ، والجواهر ، والمعدنيات { وما ينزل من السماء } من الأمطار والأرزاق ، وأنواع البركات والوحي { وما يعرج فيه } من الملائكة وأعمال العباد ، [ وقد أشار قوله : { فيها } دون أن يقول إليها إلى أن الأعمال الصالحة مقبولة ، والنفوس الزكية واصلة ، فقد ينتهي الشيء إلى الشيء ولا ينفذ فيه ولا يتصل به{ وهو الرحيم } حين الإنزال{[3705]} { الغفور } وقت عروج الأعمال ، للمفرطين في الأقوال و الأفعال ]{[3706]} .


[3704]:مما نقل الألوسي.
[3705]:حين ينزل وحيه وشرائعه لا يكلف عباده مالا طاقة لهم به:)... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر...(.
[3706]:مما أورد صاحب غرائب القرآن.