نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ} (44)

ولما كان مبنى أمر الضال على الندم ولو بعد حين ، قال عاطفاً على نحو : فترى الظالمين قبل رؤية العذاب في غاية الجبروت والبطر والتكذيب بالقدرة عليهم ، فهم لذلك لا يرجون حساباً ولا يخافون عقاباً : { وترى } وقال : { الظالمين } موضع " وتراهم " لبيان أن الضال لا يضع شيئاً في موضعه ، ولما كان عذابهم حتماً ، عبر عنه بالماضي فقال : { لما رأوا العذاب } أي المعلوم مصير الظالم إليه رؤية محيطة بظاهره وباطنه يتمنون الرجعة إلى الدنيا لتدارك ما فات من الطاعات الموجبة للنجاة { يقولون } أي مكررين مما اعتراهم من الدهش وغلب على قلوبهم من الوجل : { هل إلى مرد } أي رد إلى دار العمل وزمانه عظيم مخلص من هذا العذاب { من سبيل } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ} (44)

قوله تعالى : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ( 44 ) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ( 45 ) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ } .

يبين الله أنه هو الهادي إلى سواء السبيل فهو الموفق عباده لسلوك الخير وسبيل الرشاد ، فمن يرد الله أن يهديه يوفقه لسلوك سبيل الهداية . ومن يرد أن يضله يخذله فيتيه ويشقى وهو قوله : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ } أي من يخذله الله عن الصواب والسداد فليس له من وليٍّ يليه فينفعه أو يهديه إلى سبيل الحق .

قوله : { وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ } أي ترى الكافرين الذين أشركوا بربهم لما عاينوا عذاب جهنم يوم القيامة يقولون لربهم وهم وجلون مذعورون مستيئسون : هل لنا يا ربنا من رجوع إلى الدنيا ؟ أو هل لنا من طريق إلى رجوعنا للدنيا ؟ فهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا فرارا من هول ما رأوه من عذاب جهنم .