نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

ولما أخبر سبحانه بإنكاره لما أتاه به الرسل من الحشر على وجه موضح للدليل على بطلان إنكاره ولم يرجع ، سبب عنه الإقسام على صحة ذلك لأنه ليس عند النذير الناصح الشفوق بعد إقامة {[72400]}الأدلة إلاّ{[72401]} بالإيمان على صحة ما قال نظراً منه للمنصوح وشفقة عليه ، وكان ترك الحلف على ما هو ظاهر أبلغ من الحلف لما في ذلك الترك من تنبيه المخاطب على النظر والتأمل فقال : { فلا أقسم } أي أحلف حلفاً عظيماً هو كقاموس البحر بهذه الأمور التي سأذكرها لما لها من الدلالة على القدرة على الإبداء والإعادة ، {[72402]}لا أقسم بها وإن كانت في غاية العظم{[72403]} بما لها من الدلالات الواضحة لأن المقسم عليه أجل منها وأظهر فهو غني عن الإقسام { بالشفق * } أي الضياء الذي يكون في المغرب عقب غروب الشمس أطباقاً حمرة ثم صفرة ثم كدرة إلى بياض ثم سواد ، وكذلك الليل أوله بياض بغبرة ثم تتزايد غبرته قليلاً قليلا إلى أن يسود مرباداً فيوسق كل شيء ظلاماً ، سمي شفقاً لرقته ومنه الشفقة لرقة القلب


[72400]:من ظ و م، وفي الأصل: والدليل لا.
[72401]:من ظ و م، وفي الأصل: والدليل لا.
[72402]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م فحذفناها.
[72403]:من ظ و م، وفي الأصل: العظيم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلشَّفَقِ} (16)

قوله تعالى : { فلا أقسم بالشّفق 16 والليل وما وسق 17 والقمر إذا اتّسق 18 لتركبن طبقا عن طبق 19 فما لهم لا يؤمنون 20 وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون 21 بل الذين كفروا يكذبون 22 والله أعلم بما يوعون 23 فبشرهم بعذاب أليم 24 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } .

يقسم الله بأجزاء مما خلق وهي : الشفق ، والليل ، والقمر . وله جل شأنه أن يقسم بما شاء من خلقه . والمقسوم عليه أن الناس راكبون حالا بعد حال إلى أن يلقوا ربهم يوم الحساب . وهذه حقيقة جليلة تتجلى في كلمات الله العذاب . الكلمات القرآنية النفاذة العطرة التي يفيض منها جمال النظم وحلاوة النغم مما يهيج في القلب والذهن والخيال كوامن الإعجاب والبهر والذكرى . وهو قوله سبحانه : { فلا أقسم بالشفق } لا ، زائدة . أي أقسم بالشفق . وهو الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة فإذا ذهب قيل : غاب الشفق وقيل : الشفق ، النهار كله . والأول أظهر وهو قول أكثر العلماء .