نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ قَالَ إِنِّيٓ أُشۡهِدُ ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوٓاْ أَنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (54)

ولما قالوا هذا الكلام البين الفساد من غير تعرض لنقض ما قال لهم بنوع شبهة ، كان كأنه قيل لهم : هذا الذي قلته لكم وهو لا أبين منه ولا أعدل ، افرضوا أنه ما ظهر{[39467]} لكم صحته فما تقولون إنه حملني عليه مع أن فيه منابذتكم وأنتم أولاد عمي وأعز الناس عليّ ؟ فقالوا : { إن نقول إلا اعتراك } أي أصابك وغشيك غشياناً التصق {[39468]}بك التصاق{[39469]} العروة بما هي فيه مع التعمد والقوة { بعض آلهتنا بسوء } من نحو الجنون والخبال{[39470]} فذاك الحامل لك على{[39471]} النهي عن عبادتها .

ولما كان الطبع البشري قاضياً بأن الإنسان يخشى ممن مسه بسوء وهو يتوهم أنه قادر على ضرره فلا يواجهه بما يكره ، وكان قولهم محركاً للسامع إلى الاستعلام عن جوابه لهم ، استأنف سبحانه الإخبار عنه بقوله{[39472]} : { قال } نافياً لما قالوا مبيناً أن آلهتهم لا شيء ضاماً لهم معها ، وأكد لأنهم بحيث لا يظنون أن أحداً لا{[39473]} يقول ما قاله { إني أشهد الله } أي الملك الأعظم ليقوم عذري عنده وعدل أدباً مع الله عن أن يقول : وأشهدكم - لئلا يتوهم تسوية - إلى صيغة الأمر تهاوناً بهم فقال{[39474]} : { واشهدوا } أي{[39475]} أنتم لتقوم الحجة عليكم لأيكم ويبين{[39476]} عجزكم ويعرف كل أحد أنكم بحيث يتهاون بكم وبدينكم ولا يبالي بكم ولا به { أني بريء مما تشركون* }


[39467]:في ظ: أظهر.
[39468]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[39469]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[39470]:في ظ ومد: الخبل.
[39471]:في ظ: عن.
[39472]:زيد من ظ ومد.
[39473]:زيد من ظ ومد.
[39474]:من مد، وفي ظ: فقالوا.
[39475]:زيد من ظ ومد.
[39476]:من مد، وفي الأصل وظ: بين.