نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (62)

ولما دعاهم إلى الحق ونصب لهم عليه من الأدلة ما هم به معترفون وذكرهم نعمه مومئاً إلى التحذير من نقمه ، وسهل لهم طريق الوصول{[39569]} إليه ، ما كان جوابهم إلا أن سلخوه من طور البشرية لمحض التقليد{[39570]} ، فلذلك استأنف الإخبار{[39571]} عن جوابهم بقوله : { قالوا } أي ثمود { يا صالح } نادوه باسمه قلة أدب منهم وجفاء { قد كنت فينا } أي فيما بينا إذا تذاكرنا أمرك{[39572]} { مرجواً } أي في حيز من يصح أن يرجى أن يكون فيه خير وسؤدد ورشد وصلاح ، واستغرقوا الزمان فحذفوا الجار وقالوا : { قبل هذا } أي الذي دعوتنا إليه فأما بعد هذا فانسلخت من هذا العداد ؛ ثم بينوا ما أوجب سقوطه عندهم بقولهم منكرين إنكار محترق{[39573]} { أتنهانا } أي مطلق نهي { أن نعبد } أي دائماً { ما يعبد آباؤنا } وعبروا بصيغة المضارع تصويراً للحال كأن آباءهم موجودون فلا تمكن مخالفتهم{[39574]} إجلالاً لهم ، فأجلوا من يرونه سبباً قريباً في وجودهم ولم يهابوا{[39575]} من أوجدهم وآباءهم أولاً من الأرض وثانياً من النطف ، ثم خولهم فيما هم فيه ، ثم فزعوا - في أصل الدين بعد ذكر الحامل لهم على الكفر المانع لهم من تركه - إلى البهت بأن{[39576]} ما يوجب القطع لكل عاقل من آيته{[39577]} الباهرة لم يؤثر عندهم إلا ما هو دون الظن في ترك إجابته ، فقالوا مؤكدين لأن شكهم حقيق بأن ينكر لأنه في أمر واضح جداً لا يحتمل الشك أصلاً : { وإننا لفي شك } و{[39578]} زادوا التأكيد بالنون واللام وبالإشارة بالظرف إلى إحاطة الشك بهم { مما } ولما كان الداعي واحداً وهو صالح عليه السلام {[39579]}لم يلحق بالفعل{[39580]} غير نون واحدة هي{[39581]} ضميرهم بخلاف ما في سورة إبراهيم عليه السلام فلذلك قالوا : { تدعونا إليه } من عبادة الله وحده { مريب* } أي موقع في الريبة وهي قلق النفس وانتفاء الطمأنينة باليقين ؛ والرجاء : تعلق النفس لمجيء الخير على جهة الظن ، ونظيره الأمل والطمع ؛ والنهي : المنع من{[39582]} الفعل بصيغة {[39583]}لا تفعل{[39584]} .


[39569]:سقط من ظ.
[39570]:في ظ ومد: بمحض.
[39571]:في ظ: الإجبار.
[39572]:زيد في مد: له.
[39573]:في ظ: مخترق، وزيد بعده في الأصل: بقولهم، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[39574]:زيد في ظ: في.
[39575]:في ظ: لم تهابوا.
[39576]:من ظ ومد، وفي الأصل: بأنه.
[39577]:في مد: آياته.
[39578]:زيد من ظ ومد.
[39579]:العبارة من هنا إلى "إبراهيم عليه السلام" ساقطة من ظ.
[39580]:في مد: الفعل.
[39581]:من مد، وفي الأصل: على.
[39582]:في مد: عن.
[39583]:في ظ: الفعل.
[39584]:في ظ: الفعل.