{ قال يا نوح } وأكد في نفي ما تقدم منه إثباته فقال : { إنه ليس من أهلك } أي{[39323]} المحكوم بنجاتهم لإيمانهم وكفره ، ولهذا علل بقوله : { إنه عمل } أي ذو عمل ، ولكنه جعله نفس العمل في قراءة الجماعة مبالغة في ذمه ، وذلك لأن الجواهر متساوية الأقدام في نفس الوجود لا تشرف إلا بآثارها ، فبين أنه ليس فيه أثر صالح أصلاً ، ويثبت قراءة يعقوب والكسائي بالفعل أن من باشر السوء مطلق مباشرة وجبت البراءة منه ، ولا سيما للأمر فلا يواصل إلا بإذن ، وعبر بالعمل دون الفعل لزعمه أن أعماله مبنية على العلم ، وأكده لما لا يخص من سؤال نوح عليه السلام هذا{[39324]} { غير صالح } بعلمي ، وقد حكمت في هذا الأمر أني لا أنجي منه إلا من اتصف بالصلاح وأنا عليم بذات الصدور ، وأنت يخفى عليك كثير من الأمور فربما ظننت الإيمان بمن ليس بمؤمن لبنائك الأمر على ما نراه من ظاهره ؛ وقد نقل الرماني{[39325]} عن الحسن أنه كان ينافق بإظهار الإيمان ، وهذا يدل على أن الموافق في الدين ألصق ما يكون وإن كان في غاية البعد في النسب ، والمخالف فيه أبعد ما يكون وإن كان في غاية القرب في النسب{[39326]} .
ولما تسبب عن هذا الجواب أن ترك السؤال كان أولى ، ذكر أمراً كلياً يندرج فيه فقال : { فلا تسألن } أي بنوع من أنواع السؤال { ما ليس لك به علم } فلا تعلم أصواب السؤال فيه أم لا ، لأن اللائق بأمثالك من أولى القرب بناء أمورهم على التحقيق وانتظار{[39327]} الإعلام منا ، انظر إلى قول موسى عليه السلام في حديث الشفاعة في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها " ومن المعلوم أن تلك النفس كانت كافرة من آل فرعون { إني أعظك } بمواعظي كراهية { أن تكون } أي كوناً تتخلق به { من الجاهلين* } أي في عداد الذين يعملون بالظن لأنهم لا سبيل لهم إلى الوقوف على حقائق الأمور من قبلنا فتسأل مثل ما يسألون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.