نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَيَٰقَوۡمِ مَا لِيٓ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِيٓ إِلَى ٱلنَّارِ} (41)

ولما بلغ النهاية في نصحهم ، وختم بإعلامهم بأن الناس قسمان : هالك وناج ، وكان حاصل إرادتهم لأن يكون على ما هم عليه الهلاك بالنار ، قال مبكتاً لهم بسوء مكافأتهم منادياً لهم مكرراً للنداء لزيادة التنبيه والإيقاظ من الغفلة . والتذكير بأنهم قومه واعضاده ، وعاطفاً على ندائه السابق لأنه غير مفصل له ولا داخل في حكمه : { ويا قوم ما } أي أيّ شيء من الحظوظ والمصالح { لي } في أني { أدعوكم إلى النجاة } والجنة بالإيمان شفقة عليكم ورحمة لكم واعترافاً بحقكم { و } مالكم من ذلك في كونكم { تدعونني إلى النار * } والهلاك بالكفران ، فالآية من الاحتباك : ذكر النجاة الملازمة للايمان أولاً دليلاً على حذف الهلاك الملازم للكفران ثانيا ، والنار ثانيا دليلا على حذف الجنة أولاً ، ومراده هزهم وإثارة عزائمهم إلى الحياة منه بتذكيرهم أن ما يفعلونه معه ليس من شيم أهل المروءة يجازونه على إحسانه إليهم بالإساءة .