نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ} (14)

ولما كان الإعراض عنه مع ماله من العظمة بالبيان استخفافاً به وبمن جاء من بعده ، أشار إلى ذلك بأداة التراخي فقال : { ثم } أي بعد ما له من عليّ الرتبة في نفسه وبالإضافة إلى من أرسله . ولما كانت الفطر الأولى داعية إلى الإقبال على الحق ، نازعة إلى الانقطاع {[57367]}إلى الله والعكوف ببابه ، واللجاء إلى جنابه ، إلا بجهد من{[57368]} النفس {[57369]}في النفور{[57370]} وعلاج دواعي الثبور ، أشار{[57371]} إلى ذلك بالتعبير بصيغة التفعل فقال : { تولوا عنه } أي أطاعوا ما دعاهم إلى الإدبار{[57372]} عنه من دواعي الهوى ونوازع الشهوات والحظوظ { وقالوا } أي زيادة على إساءتهم{[57373]} بالتولي : { معلم } أي علمه غيره من البشر { مجنون * } فلم{[57374]} يبالوا بالتناقض البين الأمر ، وهذا يدل على أن من لا يبالي بعرضه ولا حياء له لا طيب لدائه لأنه لا وجود لدوائه ، وأنه إذا مس بما يلينه ويرده ويهينه لا يؤمن [ من-{[57375]} ] رجوعه إلى الحال {[57376]}السيئ عند{[57377]} كشف ذلك الضر عنه .


[57367]:من مد، وفي الأصل و ظ: على.
[57368]:زيد في الأصل و ظ: الحق، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57369]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالنفور- كذا.
[57370]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالنفور- كذا.
[57371]:من مد، وفي الأصل و ظ: اشارة.
[57372]:من ظ ومد، وفي الأصل: الاباء.
[57373]:زد في الأصل و ظ: بالقول، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57374]:من ظ ومد، وفي الأصل: ولم.
[57375]:زيد من مد.
[57376]:من مد، وفي الأصل و ظ: المسي عنه.
[57377]:من مد، وفي الأصل و ظ: المسي عنه.