نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَأَسۡرِ بِعِبَادِي لَيۡلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ} (23)

ولما كان ممن يستجيب دعاءه ويكرم نداءه ، سبب عن ذلك قوله : { فأسر } أي فقلنا{[57458]} له : سر عامة الليل - هذا على قراءة المدنيين وابن كثير{[57459]} بوصل الهمزة وعلى قراءة غيرهم بالقطع المعنى{[57460]} : أوقع السرى{[57461]} وهو السير عامة الليل { بعبادي } الذين هم أهل لإضافتهم إلى جنابي ، قومك الذين أرسلناك لإسعادهم باستنقاذهم ممن يظلمهم وتفريغهم لعبادتي {[57462]}لا لعبادة غيري{[57463]} .

ولما كان سبحانه قد تقدم{[57464]} إلى بني إسرائيل في أن يكونوا متهيئين في الليلة التي أمر بالسرى فيها بحيث لا يكون لأحد منهم عاقة أصلاً كما تقدم بيانه في الأعراف عن التوراة ، بين تأكيده لذلك{[57465]} بقوله : { ليلاً } فصار تأكيداً بغير اللفظ ، وإنما أمره بالسير في الليل لأنه أوقع بالقبط موت الأبكار ليلاً ، فأمر فرعون موسى عليه الصلاة والسلام أن يخرج بقومه في ذلك خوفاً من أن يموت القبط .

ولما علم الله تعالى أنهم إن تأخروا إلى {[57466]}أن يطلع الفجر{[57467]} ويرتفع عنهم الموت ، منعوهم{[57468]} الخروج ، وإن تأخروا إلى آخر الليل أدركوهم قبل الوصول إلى البحر فيقتلوهم ، علل هذا الأمر [ بقوله-{[57469]} ] مؤكداً {[57470]}له لأن{[57471]} حال القبط عندما أمروهم بالخروج كان{[57472]} حال من لا يصدق له ترجع{[57473]} في قوله : { إنكم متبعون * } أي مطلوبون بغاية الشهوة والجهد من عدوكم ، فلا يغرنكم ما هم فيه عند أمركم بالخروج من الجزع من إقامتكم{[57474]} بين أظهرهم وسؤالهم لكم في الخروج عنهم بسب وقوع الموت الفاشي{[57475]} فيهم ، فإن القلوب بيد الله ، فهو يقسي قلب فرعون بعد رؤية هذه الآيات حين يرتفع عنهم الموت ويفرغون من دفن موتاهم فيطلبكم لما دبرته في القدم من سياستكم بإغراقهم أجمعين ليظهر مجدي بذلك وأدفع{[57476]} عنكم روع{[57477]} مدافعتهم فإني أعلم أنه لا قوة لكم ولا طاقة{[57478]} بهم ، فلم أكلفكم لمباشرة شيء من أمرهم .


[57458]:من مد، وفي الأصل و ظ:قلنا.
[57459]:راجع نثر المرجان6/476.
[57460]:من ظ ومد، وفي الأصل: المنع.
[57461]:من ظ ومد، وفي الأصل: في السير.
[57462]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[57463]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[57464]:من مد، وفي الأصل و ظ:يقدم.
[57465]:من ظ ومد، وفي الأصل: كذلك.
[57466]:في مد: مطلع.
[57467]:في مد: مطلع.
[57468]:من مد، وفي الأصل و ظ: سفوهم.
[57469]:زيد من مد.
[57470]:من ظ ومد. وفي الأصل: لهم لا.
[57471]:من ظ ومد. وفي الأصل: لهم لا.
[57472]:زيد في الأصل و ظ: حالهم، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[57473]:من ظ ومد، وفي الأصل: مرجع.
[57474]:من مد، وفي الأصل و ظ: بإقامتكم.
[57475]:من مد، وفي الأصل و ظ: الغاشي.
[57476]:في مد: ارتفع.
[57477]:من مد، وفي الأصل و ظ: ردع.
[57478]:زيد في الأصل لكم، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.